للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالمَسجِدُ الأَقصَى مِن القُدسِ قَد أُسريَ بِالنّبِيِّ إِلَيهِ، وَالأَرضُ التِي ضَمَّت الأَقصَى وَامتَدّت حَولَهُ هِيَ أَرضٌ مُبَارَكَةٌ في الإِسلَامِ بِحُكمِ نَصِّ القُرآنِ الكَرِيمِ مُنذُ أَن تَنَزّلت آيةُ الإِسراءِ.

أَمّا مَا وَردَ مِن أَقوَالٍ سَابِقَةٍ ـ مِن أَنّ المَسجِدَ الأَقصَى لَم يَكُن في القُدسِ، وَإنَّما هُو مَكانٌ تَصَوّرهُ الرسولُ في السّمَاءِ ـ فَقَولٌ لَم يَأخُذ بِه أَو يَتَقَبَّلهُ أَو يَقُلهُ أَحدٌ مِن المَسلِمينَ مُنذُ أَن تَنزّلت آيةُ الإِسرَاءِ وَإِلَى يَومِنَا هَذَا، وَمَا فُسّرت بِه الآيةُ القُرآنِيّةُ، وَمَا أَخذَ بِه المُسلِمونَ مُنذُ أَن تَنَزّلت في تَفسِيرَاتِهم وَفِي نَظرَتهِم إِلَى القُدسِ وَإِلى صَخرَةِ القُدسِ التِي عُرجَ بِالرَّسُولِ مِنهَا يَنفِيَانِ بِصُورَةٍ قَاطِعَةٍ أَيَّ تَصَوُّرٍ لِلرّسُولِ - عليه السلام - أَو لِأتبَاعِهِ بِأَنّ المَسجِدَ الأَقصَى مُجَرّدَ تَخَيُّلٍ في السّمَاءِ، وَلَيسَ عَلَى الأَرضِ وَفِي مَدِينةِ القُدسِ عَلَى وَجهِ التَّحدِيدِ.

عَلَى أَنّ عَددًا مِن مُفَسّري القُرآنِ الكَريمِ لَم يَقتَصِرُوا عَلَى آيةِ الإِسرَاءِ الأُولَى فِيمَا يَتعَلّقُ بِقدَاسَةِ القُدسِ، بَل ضَمُّوا إِلى هَذِه الآيةِ التِي لَا خِلَاف عَلَى دَلالَتِهَا آياتٍ قُرآنِيَّةٍ أُخرَى مِثلَ الآيةِ ١٣ مِن سُورَةِ الحَديدِ: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}، فَقَالُوا إِنّ السُّورَ المَقصُودَ هُو سُورُ بَيتِ المَقدسِ الشَّرقِيُّ، وَمثلَ الآيةِ ١٤ مِن سُورَةِ النَّازِعَاتِ: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}، فقالوا إِنّ المَقصُودَ بِالسّاهِرةِ البَقِيعُ المُوجُودُ جَانبَ الطُّورِ شَمَالَي سُورِ القُدسِ اليَومَ، وَمِثلَ الآيةِ ٣٦ مِن سُورَةِ النُّورِ: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، فَقَالُوا إِنّ المَقصُودَ هُو بَيتُ المَقدِسِ، وَغيرَ هَذه الآياتِ (١).


(١) جرت الإشارة إلى هذه الآيات في عدد كثير من المراجع، انظر مثلا كتاب «الأنس الجليل» (١/ ٢٢٧) = = وانظر معجم البلدان لياقوت، تحقيق وسنفيلد، نشر مكتبة الأسدي بطهران ١٩٦٥، المجلد الرابع (ص: ٥٩١)، حيث ينقل ياقوت تفسير مقاتل بن سليمان لخمس آيات قرآنية، يرى مقاتل أن الأمكنة المذكورة فيها يقصد بها بيت المقدس. هذا، وقد نشر تفسير مقاتل بن سليمان.

<<  <   >  >>