للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمّا بِالنِّسبَةِ إِلَى الأَحادِيثِ التِي تُؤَكدُ مَكَانةَ القُدسِ في الإِسلَامِ فَهيَ كَثِيرةٌ جِدًّا، وَقَد وَردَ مِنهَا في كُتبِ الفَضائِلِ، مَوضُوعِ هَذهِ الدِّرَاسةِ، عَشَراتُ الأَحَادِيثِ، بَل هِي تَتَعَدّى العَشَراتِ إِلَى الِمئَاتِ، وَإِذَا كَانَ ثَمّةُ اختلَافٍ في الآرَاءِ حَولَ مَدَى صِحّةِ هَذهِ الأَحَاديثِ فَلا خِلَافَ، عَلَى الإِطلاقِ، عَلَى حَديثٍ مُجمَعٍ عَلَى صِحّتِهِ، وَقَد وَردَ في كُتبِ الصِّحَاحِ وَفِي كُلِّ كُتبِ فَضائِلِ القُدسِ، وَجَرت رِوايَتُه بِطُرقٍ مُختَلفَةٍ، مِنهَا رِوايَةُ أَبِي هُريرَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسجِدِ الحَرَامِ، وَالمَسجِدِ الأَقصَى، وَمَسجِدِي هَذَا: مَسجِدِ المَدِينَةِ»، وَهِيَ الرِّوايَةُ التِي أَورَدَهَا أَبُو المَعَالِي المَقدِسِيُّ، صَاحِبُ أُولَى المَخطُوطَاتِ التِي اختَرنَا نُصُوصًا مِنهَا في هَذَا ... الكِتابِ (١)، وَقد وَصفَ ابنُ تَيمِيَةَ هَذَا الحَديثَ بِأَنّهُ ثَبتَ في الصّحِيحَينِ عن النّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأنَّهُ حَديثٌ مُستَفِيضٌ مُتَلَقًّى بِالقَبُولِ، أَجمعَ أَهلُ العِلمِ عَلَى صِحّتِه وَتَلقّيهِ بِالقَبُولِ وَتَصدِيقِهِ (٢).

وَلَم يَغِب عن مُؤلِّفي كُتبِ الفَضائِلِ أَن الأَحَاديثَ التِي تُنسبُ إِلى الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - في فَضلِ القُدسِ لَيسَت كُلُّهُا عَلَى مُستَوًى وَاحدٍ مِن الصِّحَّةِ وَالقَبُولُ، فَهَاهُوَ شِهابُ الدِّينِ أَبو مَحمُودٍ أَحمدُ بنُ مُحمدٍ المَقدِسِيُّ، صَاحِبُ كِتابِ (مُثِيرُ الغَرَامِ إِلَى زِيَارَةِ القُدسِ وَالشَّامِ)، يَقُولُ في خَاتمةِ كِتابِهِ ـ مُبَيِّنًا مَا يَمتَازُ بِهِ


(١) انظر: فضائل بيت المقدس والخليل عليه الصلاة والسلام، وفضائل الشام، لأبي المعالي، المشرف بن المرجّى المقدسي. صورة مخطوطة توبنجن (ص: ٨٤).
(٢) انظر: «قاعدة في زيارة بيت المقدس»، تصنيف أحمد بن تيمية، نشر وتحقيق تشارلز ماثيوز، حولية: " Journal of the American Oriental Society", LVI, ١٩٣٦, under: "A Muslim Iconoclast (Ibn Taymiyya) on the "Merits of Jerusalem and Palestine", P. ٧.
[وانظر: مجموع الفتاوى (٢٧/ ٦ - ٧)] (عمرو)

<<  <   >  >>