للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكِتابُ عن كُتبِ الفَضائِلِ الأُخرَى ـ: «وَصَنّفَ آخَرُونَ أَيضًا في فَضائِلِ الشَّامِ، وَهذَا المُصَنَّفُ، بِحَمدِ اللهِ تَعالَى، مُشتَمِلٌ عَلَى الفَصلَينِ مَعًا فَضائِلِ الشَّامِ وَفضَائِلِ القُدسِ، قَد احتَوى عَلَى الآياتِ الوَارِدَةِ في القُرآنِ العَظيمِ في فَضلِهِمَا، وَالأحَادِيثِ الوَاردَةِ في ذَلكَ: الصّحِيحِ، وَالحَسنِ، وَالغَريبِ، وَالضّعيفِ المُحتَملِ، وَالوَاهِي التَّألِيف والموضُوعِ، وَالآثارِ القَويَّةِ وَالواهِيةِ، وَإِنّما أَتيتُ بِهذِهِ الأَقسامِ في هَذَا الكِتَابِ لِأجلِ بَيانِهَا لَا غَيرَ، وَقَد تَركتُ أَشيَاءَ مِن الفَضائِلِ مِن أَوائِلِ مَا يُروَى عن كَعبِ الأَحبَارِ وَوهبِ بنِ ... مُنبِّهٍ» (١).

وَفِي عِبارَةِ شِهابِ الدِّينِ المَقدِسِيِّ هَذهِ إِشَارةٌ وَاضِحةٌ إِلَى أَنّ مَا كَانَ يُروَى عن كَعبِ الأَحبَارِ وَوهبِ بنِ مُنبِّهٍ كَانَ مَوضعَ شَكٍّ كَبيرٍ عِندَ مُؤلِّفِي كُتبِ الفَضائلِ، وَمعرُوفٌ أَنّ الكَثيرَ مِن الأَحادِيثِ وَالرِّوايَاتِ التِي يُطلَقُ عَليهَا اسمُ الإِسرَائِيلِيّاتِ كَانت تُنسَبُ إِلَى هَذينِ الرَّجُلَينِ ـ اللذَينِ كَانَا يَدِينَانِ بِاليَهُودِيّةِ قَبلَ أَن يَتحَوّلَا إِلى الإِسلَامِ ـ وَبِذَا، فَإنّ النَّقدَ المُوجَّهَ مِن الكُتَّابِ المُحدَثِيَن، وَلاسِيّمَا مِن غَيرِ المُسلمِينَ مِنهُمِ، إِلَى أَحادِيثَ غَيرِ صَحيحَةٍ وَرِوايَاتٍ مَشكُوكٍ فِيهَا عن القُدسِ، تَسرّبت في كَثيرٍ مِن الأَحيَانِ إِلَى المُسلِمينَ مِن مَصَادِرَ أَجنَبيَّةٍ، وَمِن أَهلِ الكِتابِ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ (٢)، لَم يَكُن بِالأَمرِ الخَافِي عَلَى الكَثِيرينَ مِن مُؤَلِّفِي كُتبِ الفَضَائلِ. وَهَاهُوَ شِهابُ الدِّينِ أَبُو مَحمُودٍ المَقدِسِيُّ نَفسُهُ ـ وَهوَ صَاحبُ وَاحدٍ مِن أَهَمّ كُتبِ فَضائلِ ...


(١) انظر كتاب: «مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام» صورة مخطوطة مكتبة جوتا، الورقة ١٤٣.
(٢) انظر مثلا ما يقوله اسحاق حسون عن تغلغل الأقاويل اليهودية والنصرانية في الإسلام في الأحاديث المنسوبة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي قصص الأنبياء والتاريخ: Symposium, PP. ١٧٠, ١٧١.

<<  <   >  >>