للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القُدسِ ـ، يَقُولُ لَنَا مَرَّةً أُخرَى ـ وَهُوَ يَرفُضُ التَّجَاوُزَ في تَقدِيسِ المَسجِدِ الأَقصَى وَالوُصولَ بِه إِلَى مَا فَوقَ المَنزِلةِ المَقبُولَةِ في عَقِيدةِ الإِسلَامِ ـ: «قَاتَلَ اللهُ القَصَّاصِينَ وَالوَضَّاعِينَ! كَم لَهُم مِن إِفكٍ عَلَى وَهبٍ وَكَعبٍ! وَلَا شَكَّ في فَضلِ هَذَا المَسجِدَ، وَلكِنّهُم قَد غَلَوا» (١).

وَإِذَا كَانَت مُلاحَظَاتُ صَاحِبِ (مُثِيرُ الغَرَامِ) عَلَى الأَحَادِيثِ التِي أَورَدهَا ـ وَهِيَ مُلاحَظَاتٌ نَافِذةٌ حَولَ مُستَوَى صِحّةِ هَذهِ الأَحادِيثِ وَأحوَالِ رُوَاتِهَا ـ تُعِينُ القَارِئ دُونَما شَكٍّ عَلَى التَّميِيزِ بَينَ مَا هُوَ مَقبُولٌ وَمَا هُو غَيرُ مَقبُولٍ مِن الأَحادِيثِ المُورَدَةِ في كُتبِ الفَضَائِلِ، فَإنّ المَأمُولَ أَن تَكُونَ التَّرجَماتُ المُختَصَرةُ التِي أُورِدَت في حَواشِي هَذَا الكِتابِ لِشخصيَّاتٍ وَردَت أَسمَاؤُهَا في كُتبِ الفَضائِلِ وَتَدخُلُ في سِلسِلةِ رُواةِ الأَحادِيثِ النَّبَوِيَّةِ مِمّا يُعِينُ القَارِئَ عَلَى الحُكمِ عَلَى الأَحادِيثِ المُورَدَةِ في نُصوصِ هَذِه الكُتُبِ، وَلاسِيَّما أَنّنِي كَثِيرًا مَا اعتَمَدتُ في إِيرَادِ هَذهِ التّرَاجِمِ عَلَى كُتبِ عَددٍ مِن المُؤَلِّفِينَ القُدامَى، الذِينَ اهتَمُّوا خَاصًا بِأَحوَالِ رُواةِ الحَديثِ وَتَوثِيقِهِم أَو التّشكِيكِ فِيهِم. هَذَا، وَقد وَقَفتُ عَلَى عِبَارَةٍ لِلخَطيبِ البَغدَادِيِّ تَستَرعِي النَّظَر فِيمَا يَتعَلّق بِالأَحادِيثِ المَكتُوبَةِ، إِذ يَنقُلُ عن يَحيَى بنِ مَعِينٍ قَولَهُ: «إِذَا كَتَبتَ فَقَمِّش، وَإِذَا حَدَّثتَ فَفَتِّش»، بِمَعنَى أَنّ كِتابَةَ الأَحادِيثِ قَد يَكُونُ فِيهَا تَساهُلٌ، في حِينِ أَنّ رِوايَتَهُ مُشافَهَةً لِلآخَرِينَ لَابُدّ فِيهَا مِن التَّمحِيصِ وَالتّدقِيقِ، وَقَد عَلَّلَ الخَطِيبُ البَغدَادِيُّ ذَلكَ بِأنَّ الرِّوَاياتِ الضَّعِيفَةَ تُكتَبُ لِلتنقيرِ عن وَاضِعِيهَا وَبَيَانِ حَالِ مَن أَخطَأَ فِيهَا (٢).

وَمِمّا لَا رَيبَ فِيهِ أَن عِبَارَةَ


(١) انظر صورة مخطوطة: «مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام» عن نسخة جوتا، الورقة (٨٩ - ٩٠).
(٢) انظر: «تاريخ بغداد» ط. الخانجي القاهرة ١٣٤٩ هـ =١٩٣١ م، المجلد الأول (ص: ٤٣).

<<  <   >  >>