للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَأَصبَحَت مُجاهَدَتُهُ فَرضًا وَاجِبًا عَلَى المُسلِمِينَ.

وَقَد تَنبَّهَ لِهذِهِ الأُمورِ كُلِّهَا كَاتِبٌ غَيرُ مُسلِمٍ هُو جُوِيتِينُ كَمَا هُو وَاضِحٌ مِن المَادَّة التِي كَتَبَهَا عن الخَلفِيّةِ التّارِيخِيّةِ لبِنَاءِ قُبّةِ الصَّخرَةِ (١).

أمَّا رِوَايَةُ مَنعِ عَبدِ المَلكِ النَّاسَ مِن الحَجِّ إِلَى مَكّةَ إِبّانَ ثَورَةِ ابنِ الزُّبَيرِ فَهِيَ رِوايَةٌ مُتهَافِتَةٌ مَنقُوضَةٌ، حَتّى في كِتَابَةِ المُؤَرِّخِ الذِي كَانَ أَوَّلَ مَن أَورَدَهَا وَهُوَ اليَعقُوبِيُّ. فِرِوَايَةُ اليَعقُوبِيِّ التِي سَبَقَ أَن أَورَدنَاهَا في صَفحَةٍ سَابِقَةٍ تَقُولُ إِنّه مَنعَ النَّاسَ مِن الحَجِّ إِلَى مَكَّةَ خَشيَةَ أَن يَأخُذَهُم ابنُ الزُّبَيرِ بِالبَيعَةِ، وَأَنَّه أَقَامَ بِذَلكَ أَيّامَ بَنِي أُمَيَّة (٢).

وَلكِنّ اليَعقُوبِيَّ نَفسُهُ يَقُولُ بَعدَ صَفحَتَينِ فَقط مِن إِيرَادِهِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِنَّهُ فَي سنةِ ٦٨ هـ وَقَفَت أَربعَةُ أَلوِيَةٍ بِعَرَفَاتٍ: مُحمَّدِ بنِ الحَنفِيَّةِ في أَصحَابِهِ، وَابنِ الزُّبيرِ في أَصحَابِهِ، وَنَجدَةِ بنِ عَامِرٍ الحَرُورِيِّ، وَلِواءِ بَني أُمَيَّةَ. ثُمَّ يَنقِلُ عِن المُسَاوِرِ بنِ هِندِ بنِ قَيسٍ قَولَهُ: «وَتَشعَّبُوا شُعَبًا، فَكُلُّ قَبيلَةٍ فِيهَا أَميرُ المُؤمِنينَ.» (٣)، وَمعرُوفٌ أَنّ حُكمَ ابنِ الزُّبيرِ في مَكَّةَ امتَدَّ مِن عَامِ ٦٦ إِلَى عَامِ ٧٣ هـ، وَهُو عَامِ مَقتَلِهِ.

بَل إِنَّ اليَعقُوبِيَّ يُورِدُ بَعدَ ذَلكَ أنَّ عَبدَ المَلكِ نَفسَهُ قَد حَجّ سَنةَ ٧٥ هـ، مِمّا يُخَالفُ رِوَايتَهُ الأُولَى عن مَنعِ حُكّامِ الأُمَوِيِّينَ النَّاسَ مِن الحَجِّ أيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ.


(١) انظر: " Journal of the American Oriental Society" VOI. LXX ١٩٥٠, P. ١٠٥٠.
وانظر كذلك في منزلة رجاء بن حيوة العلمية وعلاقته بالخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز، مخطوطة «مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام»، صورة عن نسخة جوتا ورقة ١٣١، حيث ذكر مؤلف المخطوطة أن رجاء حيوة وزر لعمر بن عبد العزيز بعد أن أصبح عمر خليفة.
(٢) انظر: تاريخ اليعقوبي (٣/ ٧، ٨).
(٣) المصدر نفسه: (ص: ١٠). وانظر كذلك في موضوع ألوية الحجاج، تاريخ الطبري، ط. دار المعارف، القاهرة ١٩٦٤ (ص: ١٣٨، ١٣٩). وانظر في موضوع حج الأمويين كذلك: الكامل لابن الأثير، ط. بيروت ١٩٧٩ (٤/ ١٥١، ٥٣٢، ٥٣٣).

<<  <   >  >>