للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعودُ أهميَّةُ هذَا الكتابِ إلَى أنَّهُ أقدمُ كتابٍ مستقلٍّ، وصلَ إلَينَا، تختصُّ مباحثُهُ بأكملِهَا في فضائلِ هذِهِ المدينةِ (١). أمَّا مصادرُ مادتِهِ الرئيسةِ، فهيَ القرآنُ الكريمُ، والأحاديثُ النبويةُ، والأحداثُ التاريخيَّةُ في عهودِ الإسلامِ.

ولا شكَّ في أنَّ افتتاحَ الواسطيِّ كتابَهُ بالحديثِ النبويِّ المشهورِ (شدُّ الرِّحَالِ) الُمجمَعِ علَيهِ، واختتامَهُ إيَّاهُ بالآيةِ الكريمةِ (الإسراء) أكسبَاهُ معنًى إسلاميًّا كبيرًا متَّصلًا بقُدسيَّةِ هذِهِ المدينةِ. فقَد وُضعَت في الكتابِ في مكانِهَا الصحيحِ، بعدَ قُدسيَّةِ المسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الرسولِ. بالإضافةِ إلَى أنَّهَا مدينةُ الإسراءِ والمعراجِ، وهَذَا حَسْبُ المسلمينَ.

علَى أنَّ مِن مصادرِ الكتابِ أيضًا ما يُسمَّى في التراثِ العربيِّ الإسلاميِّ بالإسرائيلياتِ، التِي أفضَت بطبيعَتِهَا إلَى القَصصِ الشعبيِّ، وهَذَا هوَ السرُّ في اهتمامِ الجامعةِ العِبْريةِ بالاستيلاءِ علَى المخطوطةِ الوحيدَةِ في العالمِ، وحفظِهَا لدَيهَا، ثمَّ نشرِهَا محقَّقةً معَ ملخَّصٍ باللغةِ الفرنسيةِ (٢)؛ ليطّلعَ علَيهَا مَن لَا يعرفُ العربيةَ. وفي الظَّنِّ أنَّ مثلَ هذِهِ الإسرائيلياتِ، ومَا أفضَت إلَيهِ مِن قَصصٍ شعبيٍّ، يُكسِبُ اليهودَ حَقًّا في هذِهِ المدينةِ العربيةِ. وما دَرَوا أنَّ دخولَ هذِهِ الإسرائيلياتِ في التراثِ العربيِّ الإسلاميِّ مَا هُوَ إلَّا شاهدٌ علَى سماحَةِ هذَا الدِّينِ الحنيفِ.

ونعنِي بالإسرائيلياتِ رواياتٍ دخَلَت الإسلامَ مِن مصادرَ يهوديَّةٍ، مِنَ التَّورَاةِ والتَّلمُودِ والزَّبُورِ. وأشهَرُ مَن روَاهَا وأشاعَهَا أبُو إسحاقَ كَعبُ


(١) أشار محقق النص، الذي بين يدَي القارئ، أن الذهبي، في سِيَر أعلام النبلاء (١٤/ ٧٨)، ذكر أن الوليد بن حمَّاد الرَّملي، الذي تُوفي قبل ٣٠٠ هـ، له مُصنَّف في (فضائل بيت المقدس). قلت: لم يصل إلينا الكتاب. وهي إشارة دقيقة من المحقِّق تُحسَب له.
(٢) صدرت عام ١٩٧٩ م.

<<  <   >  >>