بيديه ونظره وتأمله بانفاذ بصيرته فأخذ إبراً صغاراً كثيرة وغرزها في السمن حتى بقي وجه السمن كالقنفذ، وسيرها إلى الاسكندر، فلما رآها الإسكندر ووقف عليها حرك رأسه ثم أمر فجعل من الإبر كرة حديد وسيرها إلى الفيلسوف.
فلما وقف الفيلسوف عليها ضرب منها مرآة مصقولة ترد صورة من تأملها من الأشخاص لشدة تلألئها وصفائها وزوال درنها، وأمر بردها إلى الإسكندر. فجعلها الإسكندر في طست فيه ماء وسيرها إلى الفيلسوف. فلما نظرها الفليسوف جعلها كرة مقعرة حتى طفت على وجه الماء وسيرها إلى الإسكندر. فلما رآها الإسكندر ثقبها وملأها تراباً وردها إلى الفيلسوف. فلما رآها الفيلسوف تغير لونه ودمعت عينه وسيرها إلى الإسكندر على حالها من غير أن يحدث في التراب حادثة.
قال: فلما كان من الغد جلس الإسكندر جلوساً خاصاً وأمر بإحضار الفيلسوف فلما أقبل نحو الإسكندر، رآه الإسكندر شاباً حسناً كأحسن الناس، فتعجب من حسنه وهيئته، فحط الفيلسوف يده على أنفه ثم أتى بتحية الملوك. فأشار الإسكندر إليه بالجلوس على كرسي وضعه له بين يديه فجلس حيث أمره، ثم قال له الإسكندر: ما بالك لما نظرت إليك وضعت أصبعك على أنفك؟ فقال أيها الملك المعظم دام لك الملك والنعم، لما نظرت إلي استحسنت صورتي وخطر بخاطرك هل حكمة هذا الشاب على قدر صورته، فوضعت اصبعي على أنفي أُخبر الملك أنه ليس في الهند مثلي. فقال: صدقت قد خطر ذلك بخاطري.