للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

شرح حديث علي رضي الله عنه

قد مر معنى التسوية في حديث فَضَالة (١)، والإشراف: هو الارتفاع.

وما زعمه بعضهم أنه يحتمل أن يراد بـ"مشرف": مسنّم أخذًا من شَرَف البعير، أي: سنامه، فلا وجه له؛ لأنه لم يُسْمَع اشتقاق فعل من "شرف البعير"، ولو سُمِع لكان إطلاقه على القبر مجازًا، والأصل الحقيقة.

وقد ورد إطلاقه على القبر في حديث القاسم المار في الفصل الأول، وفيه: "فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة، ولا لاطئة" (٢).

مع أنه قد مرَّت أدلة قاضية بأن السنة هي التسنيم، فكيف يؤمر بإزالته؟!

بقي ما قيل: إن الظاهر أن تلك القبور قبور كفار، ويدل عليه ذِكْر الصنم.

والجواب: أنَّ هذا وإن احْتُمل في بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه، لا يحتمل في بعث علي لصاحب شُرْطَته؛ لأن عليًّا رضي الله عنه كان بالكوفة، وبَعْثه لعامل شرطته إنما يكون في الكوفة نفسها؛ لأن عامل الشرطة إنما يؤمر على ما يقرب من الأمير، والكوفة إنما بُنيت في الإسلام، فالقبور التي فيها إن لم يكن كلها قبور مسلمين فغالبها، فأَمْر عليّ بتسويتها مطلقًا يدل أبلغ دلالة على أحد أمرين:


(١) (ص ٢٦ وما بعدها). وحديث عليّ تقدم (ص ٥٠).
(٢) تقدم تخريجه.