الأول والثاني: أن الحديث في الصحيح، وهو أصل في الهدم، فلا يقال: إنه متابعة لحديث فَضَالة، وممن رواه القطان، كما مر.
وقال في "فتح المغيث"(١)(ص ٧٧) في الكلام على ما في "الصحيحين" من عنعنة المدلسين: "قال ابن الصلاح ــ وتبعه النووي وغيره ــ: محمولٌ على ثبوت السماع عندهم فيه من جهةٍ أخرى، إذا كان في أحاديث الأصول لا المتابعات، تحسينًا للظن بمصنفيهما. يعني: ولو لم نقف نحن على ذلك ... [ص ٦٣] وأشار ابن دقيق العيد إلى التوقف في ذلك ...
وأحسن من هذا كله قول القطب الحلبي في "القدح المعلى": أكثر العلماء أن المعنعنات التي في "الصحيحين" مُنَزَّلةٌ منزِلة السماع، يعني: إما لمجيئها من وجهٍ آخر بالتصريح، أو لكون المعنعن لا يدلس إلا عن ثقة، أو عن بعض شيوخه، أو لوقوعها من جهة بعض النقاد المحققين سماع المعنعن لها، ولذا استثنى من هذا الخلاف ... وأبو إسحاق فقط بالنسبة لحديث القطان عن زهير عنه، ... والثوري بالنسبة لحديث القطان عنه"ا?.
١ - والذي عندي: أن صاحب الصحيح لا يصحّح عنعنة من عَرف أنه يدلس إلا بعد الوثوق بثبوت السماع، وإنما لم يثبت السند المصرَّح فيه؛ لأنه نازلٌ، أو نحو ذلك.
(١) (١/ ٢١٨ - ٢١٩). وتمام اسم كتاب القطب الحلبي (ت ٧٣٥): "القِدح المعلى في الرد على أحاديث المحلى". ذكره ابن الملقن في "البدر المنير": (١/ ٢٩١) وقال: "في جزء جيد، وما أكثر فوائده".