ومع هذا، فحديث عَمْرو بن حزم صريحٌ في التحريم؛ لأنه جعل الاتكاء على القبر إيذاءً لصاحبه، وإيذاء المسلم بغير حق حرامٌ بلا خلاف.
فإن قيل: وكيف يكون الإيذاء للميت؟
قلت: الله أعلم، صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الاتكاء على القبر يؤذي صاحبه، فسمعنا وأطعنا، وعلمنا أنه على كل حال يكون الجلوس على القبر ووطؤه، ونحو ذلك أولى من الاتكاء، فقلنا به.
ومع ذلك، فإنني أذكر هـ? هنا احتمالًا يُفْهَم من مجموع الأدلة الواردة فيما يتعلق بالأرواح بعد الموت، وعلى من أراد تحقيق البحث أن يراجع تلك الأدلة.
لعل الروح بعد الموت ورفعها إلى السماء، وإرجاعها إلى القبر للسؤال، تبقى مجاورة لجسدها، ويمكنها معرفة ما يجري على القبر.
فإن قيل: فعلى هذا لا يحرم الجلوس على من كان يحبه الميت.
قلت: كلّا، فلعله قد طرأ أو تبين للميت من حال الحيّ ما يبغِّضه إليه، مع أنه بعد الموت لا يهم الميت إلا ما ينفع عند الله عزَّ وجلّ.
وهذه أمورٌ غيبية، وعِلّةٌ غير يقينية، والأحاديث مطلقة، فالمتعين إطلاق المنع، والله أعلم.
* * * *
[تجصيص القبر]
التجصيص والتقصيص بمعنًى، وهو ظاهرٌ، وسيأتي حكمه إن شاء الله.