للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا مع أن ما ذكرناه هو صريح الآية، لِمَا قدّمنا أن الدين عبارة عن مجموع الأحكام، ولكن أردنا زيادة الإيضاح.

فأيُّ شيءٍ أُحْدِث بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، فهو خارجٌ عن الدين، ضرورةَ أن الدينَ قد تمّ وكَمُل قبل حدوثه.

فإن قيل: قد يكون زيادة كمال.

قلنا: وهل يختار الله تعالى لرسوله غير الأكمل؟ مع أن كل متنازَعٍ فيه لا يخلو أن يكون مما شرعه الله أو [لا].

وعلى الثاني فالأمر واضح، وعلى الأول فلا يخلو أن يقال: هو (١) مما أعْلَم الله به رسوله، أو لا؟ والثاني باطلٌ؛ لأنّ كل ما شرعه الله فقد أعْلَم به رسولَه، مع أنه لا يُعْلَم الشرعُ إلا من قِبَلِه، وعلى الأول؛ فلا يخلو أن يكون أمره بتبليغه أو لا؟

إن قيل: لا. قلنا: فهل بلَّغه تبرُّعًا؟

إن قيل: لا. قلنا: فمن أين علمتموه؟

وإن قيل: بلَّغ. قلنا: أرونا ذلك نكن أول التابعين.

[ص ٤] وعلى الأمر بالتبليغ، فهل بلَّغ؟ إن قيل: نعم. قلنا: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١].

والآية الثانية تدل أنه ليس لأحدٍ أن يشرع في الدين ما لم يأذن به الله،


(١) "يقال هو" تداخلت مع المضروب عليه من الكلام، ومكتوب تحتها: "يكون". وتحتمل العبارة أن تكون: "فلا يخلو أن يكون مما ... ".