للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن القائلين بالتحسين والتقبيح العقلي يعترفون أن بعد ورود الشرع وبلوغ الدعوة لا حاكم إلا الشرع.

قال في "إرشاد الفحول" (١) (ص ٧): "اعلم أنه لا خلاف في كون الحاكم: الشرعَ بعد البعثة وبلوغ الدعوة" اهـ.

فهذا ما يتعلق بالأمور الدينية.

[ص ١٢] وأما الدنيوية؛ فقد ثبت بالأدلة السابقة أنها موسَّعة، ليس لأحد أن يحظر شيئًا منها إلا إذا ثبت الحَظْر بكتاب الله عزَّ وجلّ، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

إذا علمت هذا، فألقِ نظرةً في أحوال القبور، أهي من الأمور الدينية، فتكون توقيفية، يجب أن يُقْتَصر فيها على ما ثبت بالشرع، أم دنيوية فتكون موسَّعة، إلا ما ثبت حظره بدليل شرعي؟

لا ريب بأنها من الأمور الدينية؛ ألا ترى إلى الأمر بأن تكون مستقبِلَة، وأن يوضع الميت فيها على يمينه مستقبلًا، وأن لا يوضع إلا مغسولًا مكفَّنًا، إلى غير ذلك.

إذن، فأول ما يلزمنا أن نبحث عن الكيفية التي قررها الشارع للقبور، ثم نعضّ عليها بالنواجذ، ولا نعتدي إن الله لا يحب المعتدين (٢).


(١) (١/ ٧٨ ــ دار الفضيلة).
(٢) اقتباس من سورة الأعراف {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [٥٥].