للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه المباهاة، فممنوع". اهـ.

وورد التعليل بالعلة الثانية عن بعض أهل العلم مستدلًّا بتواتر الأحاديث بلعن من اتخذ القبور مساجد، واشتداد غضب الله عليه، وفي بعضها تفسير ذلك ببناء المسجد على القبر، وصحة الأحاديث بالنهي عن الصلاة في المقبرة، وعن الصلاة إلى القبر، مع ما قاله ابن عباس وغيره من أئمة السلف في تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا ... } الآية [نوح: ٢٣]: أن هؤلاء قوم صالحون كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ... إلخ. في "صحيح البخاري" (١).

وفي بعض الأحاديث لَعْن من اتخذ على القبر سراجًا (٢).

وصرَّح العلماء في أهل المذاهب أن النهي عن الصلاة إلى القبر خشية أن يؤدّي ذلك إلى تعظيمه، وسيأتي نقل شيءٍ من هذا عند الكلام في المساجد على القبور.

فكل هذا يدلُّ أن خشيةَ أن يؤدي تمييز القبور إلى تعظيمها، أمرٌ يعتبره


(١) رقم (٤٩٢٠) كتاب التفسير، باب: ولا تذرنّ ودًّا ولا سواعًا ....
(٢) ولفظه: "لعن الله زوّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج". أخرجه أحمد رقم (٢٠٣٠)، وأبو داود رقم (٣٢٣٦)، والترمذي رقم (٣٢٠)، والنسائي رقم (٢٠٤٣)، وابن ماجه رقم (١٥٧٥)، وابن حبان رقم (٣١٧٩). وغيرهم من طرقٍ عن محمد بن جُحادة عن أبي صالح عن ابن عباس به.
وفيه أبو صالح مولى أم هانئ ضعيف مدلس، وقد تفرّد بزيادة "والمتخذين عليها المساجد والسُّرج". فهي من مناكيره، وباقي الحديث له شواهد يتقوى بها.