للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا تراهم يعمدون إلى السند الذي فيه من وُصِف بمطلق التدليس، ولكنه صرح بالتحديث عن شيخه، فيحكمون له بالصحة، وإن كان شيخه أو شيخ شيخه لم يصرِّح بالسماع، إلا أن يوصَفَ بالتسوية، فلابد من التصريح بالسماع منه إلى آخر السند.

ووجهه أن تدليس التسوية أقبح وأشنع من مطلق التدليس، إذ لا يخلو عن الكذب، فالظاهر سلامة الثقة منه، وإن وُصِف بمطلق التدليس.

انظر كتب الفن في تدليس التسوية.

أما سفيان: فقد قيل: إنه كان يدلس التسوية، ولكن في "فتح المغيث" (١) (ص ٧٧) قال البخاري: لا يُعْرَف لسفيان الثوري عن حبيب ابن أبي ثابت، ولا عن سلمة بن كُهَيل، ولا عن منصور، ولا عن كثير من مشايخه تدليس، ما أقل تدليسه! اهـ.

[ص ٥٨] وظاهر هذا يتناول تدليس التسوية، وإلا لقال البخاري: ولكنه كان يسوِّي فيما رواه عن حبيب، أو نحو ذلك. مع أن سفيان أثبت إن شاء الله من أن يسوّي فيما رواه عن شيخ قد تنزه عن التدليس عنه، فإن ذلك أشدّ غررًا من التسوية مع عدم التنزه عن التدليس؛ لأن العلم بتنزّهه عن التدليس عن شيخه، يَحْمِل على الظن بأنه لم يسوّ فيما رواه عنه.

على أن ههنا مانعًا آخر من الحمل على التدليس، وهو سقوط "ألا" في رواية عبد الرحمن وخلاد أصلًا، وثبوتها في رواية الآخرين غالبًا، وهذا يدل أنهما روايتان من الأصل.


(١) المصدر نفسه.