للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: (وليس تحليفه وإرساله مذهباً لأحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولو حلّفنا كل واحد وأطلقناه وخفينا سبيله، وقلنا: لا نأخذ إلاّ بشاهدي عدل، كان فعل ذلك مخالفاً للسياسة الشرعية، ومن ظنّ تحليفه وإرساله، فقد غلط غلطاً فاحشاً مخالفاً لنصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأمة) ١.

ثم قال: (واعلم أنّ هذا النوع من المتهمين يجوز ضربه وحبسه) ٢.

وقال "القرافي" ٣ في "ذخيرته": (إعلم أنّ التوسعة على الحكّام في أحكام السياسة ليس مخالفاً للشرع، لأن الفساد قد كثر وانتشر، بخلاف العصر الأول) ٤ اهـ. الغرض منه.

وعليه فإذا كان المتهم بما أشرقم إليه عدداً معيّناً، كما يفهم من قولكم: (ومن أحياء العرب من يفعل ذلك) فحكمه ما تقدّم، وسيأتي مزيد بيان، لذلك في الفصل السادس.


١ - أنظر، ابن فرحون- تبصرة الحكام: ٢/ ١٢٠، وهو في الأصل: يعزو هذا القول إلى "ابن قيم الجوزية"، حيث يقول (قال ابن قيم الجوزية الحنبلي: ما علمت أحداً من أئمة المسلمين يقول: ان هذا المدعى عليه بهذه الدعاوي، وما أشبهها يحلف ويرسل بلا حبس ولا غيره، وليس تحليفه وإرساله مذهباً ... إلخ). ونقله- أيضاً- المصنف في "البهجة في شرح التحفة": ٢/ ٣٦٣، "في دعوى السرقة".
٢ - أنظر: نفس المصدر السابق: ٢/ ١٢٠، بزيادة (مما قام على ذلك من الدليل الشرعي).
٣ - أبو العباس: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، شهاب الدين الصنهاجي القرافي: من علماء المالكية، نسبته إلى قبيلة "صنهاجة"، وإلى "القرافة" بالقاهرة، وهو مصري المولد، له مصنفات في الفقه، منها كتابه هذا "الذخيرة" وهو كما ذكر الزركلي (مخطوط في ستة مجلدّات)، وقد قامت بطبع جزء منه شمل "المقدمات وكتاب الطهارة" وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت. وله- أيضاً- "أنوار البروق في أنواء الفروق- ط" و"الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام- ط". مات (سنة ٦٨٤هـ). أنظر: ابن فرحون- الديباج: ٦٢ - ٦٧، مخلوف- شجرة النور الزكية: ١٨٨، الزركلي- الأعلام:١/ ٩٤ - ٩٥.
٤ - أنظر: ابن فرحون- التبصرة: ٢/ ١١٧. ونقله أيضا المصنف في "البهجة في شرح التحفة": ٢/ ٣٦٤ "في دعوى السرقة".

<<  <   >  >>