للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حليفه، وإنْ لم يجرم ١ إلاّ كونه حليفاً فقط) ٢ أه.

قلت: وهو يريد ما لابن فرحون.

وبيان ذلك: أنّ هذه المسألة لا تخلو من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون الغير ممّن لا يأوي إليه المذنب، ولا يحميه، ولا يتعصّب عليه، ولا ينكف المذنب عن ذنبه بتغريم ذلك الغير، فهذا هو الذي لا يؤاخذ ذلك الغير بذنبه كتاباً وسنة وإجماعاً، كان الغير قربياً للمذنب أو غيره، وهو محلّ قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ٣.

ثانيها: أن يكون ذلك الغير ممّن لا يأوي إليه المذنب، ولا يحميه، ولا يتعصّب عليه- كالقسم الذي قبله- إلاّ أنّه إذا أخذ من ذلك الغير ما أخذه المذنب أو نهبه، كفّ المذنب عن ذنبه ومفسدته، لكون ذلك الغير يقدر على الانتصاف من المذنب، أو لكونه قريباً له، فلهذا قالوا: (يجوز مؤاخذة ذلك الغير به سدًّا للذريعة ٤ - ٥ كما يأتي


١ - في "ج" (يجزم) وهو تصحيف.
٢ - أنظر: الأبي- "اكمال اكمال المعلم": ٤/ ٣٦٠.
٣ - تقدّم تخريجها في: ١٩٤.
٤ - قال القرافي: (الذريعة: الوسيلة للشيء، ومعنى ذلك: حسم مادة وسائل الفساد، دفعاً له، فمتى كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى المفسدة، منعنا من ذلك الفعل وهو مذهب مالك رحمة الله عليه، وقد أجمعت الأمة على أن الذرائع ثلاثة أقسام:
أحدها: معتبراً اجماعاً، كحفر الآبار في طرق المسلمين.
وثانيها: ملغى اجماعاً، كزراعة العنب فانه لا يمنع خشية الخمر.
وثالثها: مختلف فيه كبيوع الآجال. اعتبرنا نحن الذريعة فيها، وخالفنا غيرنا). (الذخيرة: ١/ ١٤٤ - ١٤٥).
٥ - أنظر: السجلماسي الرباطي في شرحه "لنظم العمل الفاسي": ٢/ ٤١٧، حيث قال في شرحه: (كما لو كان بعض أهل الغصب، والتعدي على أموال الناس لا يقدر على الانتصاف منه لفراره مثلاً، ولم يوجد سبيل لقطع مفسدته إلاّ بالردّ من قريبه غرم ما يأخذ ويتلف من الأموال بحيث يعلم من حال الظالم أنه إذا عرف أن قريبه يؤاخذ بجريرته، حمله ذلك على الترك، فيرتكب ما ذكر للضرورة من باب قاعدة القضاء على الخاصة بمنفعة العامة، كما ضمن الصناع وأغرموا ما لا يلزمهم بحسب الأصل لولا مصلحة العامة، ويندرج هذا أيضاً في قاعدة =

<<  <   >  >>