للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤاخذ حينئذ لأجل إعانته إيّاه، وتعصيبه عليه ولو بجاهه، وهو الوجود في قبائل الزمان- كما تقدّم مبسوطاً- وشاهد ذلك ما تقدّم في الحديث الكريم ١، وما تقدّم ٢ عن "ابن القاسم" و "أشهب".

وبتأمل هذه الأقسام المذكورة في هذا الفصل، نعلم: أنه لا معارضة بين الحديث والآية ٣ المذكورين، وهذا هو الذي حمل "ابن فرحون"، و"ابن العربي" وغيرهما، على الاحتجاج بالحديث الكريم، (إذ) ٤ ما كان يخفى على مثل "ابن فرحون"، ومن معه المعارضة المذكورة ٥ - لو كانت-.

وهذه الأقسام الثلاثة التي قسّمناها في المؤاخذة بذنب الغير، لم أقف عليها منصوصة هكذا، ولكنها ظاهرة من النصوص والدلائل المتقدّمة، والله أعلم.

ـ[تنبيهان!]ـ:

الأول: ما تقدّم من أن "الكفاف" لا يكون في الدماء والحدود، معناه: أنّه لا يقتل ولا يحدّ قريب القاتل، أو يقطع ونحو ذلك، ولا يقتل أو يقطع أيضاً من يقدر على الإنتصاف منه. [١٠/ب]

وأمّا إذا أراد الحاكم ونحوه أنْ يأخذ القريب المذكور، أو من قدر على الانتصاف منه، بمال يدفعه لأولياء المقتول أو المقطوع مثلاً برضاهما، لأنّه في الوقت غاية المقدور، ولو أخر ذلك لوقت آخر لضاع ذلك وتعذّر الإنتصاف، فلا إشكال في الجواز، لأن الحدود حينئذ برضي أولياء المقتول والمقطوع رجعت مالاً، فكأن القاتل المذكور والقاطع تعصّب لأولياء المقطوع على مال، فيؤخذ المال من قريبه أو ممّن يقدر على الانتصاف منه ارتكتاباً لأخف الضررين- كما مر-.


١ - وهو: "أن ثقيفاً كانت حلفاء بني غفار ... إلخ " تقدّم في: ١٢٨.
٢ - تقدّم قولهما في: ٢٠٠.
٣ - قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
٤ - في "الأصل": (إذا).
٥ - أنظر: ١٢٩.

<<  <   >  >>