للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنّ رجلاً قال: يا رسول الله: إستعملنى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تنحّ، إنّا لا نستعمل على عملنا هذا من أراده" ١ اهـ.

والسرّ فيه: أنّ الولايات أمانات، وطلب الأمانة دليل على خيانتها، فيجب عليه: أنْ لا يوليه، وإنْ ولّى غير طالبها فيتقدّم إليه ويخوفه بأنه إنْ وجد منه زلّة أو تعدّياً عاقبه العقوبة الشديدة، وأنّه إنْ لم يبالغ في القيام بحقوق الله- من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر- وحقوق عباده- من رفع يد الظالم عن المظلوم- أخذه أخذاً وبيلاً، إذ العمّال في هذا الأوان، وقبله- كما مرّ عن سيّدنا علي، والشيخ محرز- يتوصّلون لغرضهم الفاسد، وأكل الأموال بالباطل، بقلب الحقائق.

(فإذا جاء الضعيف يشتكي إلى السلطان بجور العامل عليه) أو بعدم الانتصاف له من ظالمه، حقد العامل بذلك الشاكي، وغضب عليه، وسبقه حينئذ كما للإمام "اليوسي" ٢ وغيره بكتابه لباب السلطان- فزاد عليه-: (وإن لم يسبقه، فإن السلطان


١ - أخرجه البخاري في "صحيحه". "أنظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري": ١٣/ ١٢٥ "كتاب الأحكام"، "باب: ما يكره من الحرص على الامارة".
ومسلم في "صحيحه": ٤/ ١٤٥٦، "كتاب: الامارة" "باب: النهي عن طلب الامارة".
وقد أخرجه كلاهما عن أبي موسى الأشعري، وليس فيه لفظه "تنحّ"، وقد بحثت عنها في طرق هذا الحديث ولم أقف عليها، فلعلها من تصرف المصنف، والله اعلم.
٢ - هو: أبو علي الحسن بن مسعود بن محمد، نور الدين اليوسي: الفقيه المالكي، الأديب، ينعت بغزالي عصره، تنقل في الأمصار وأخذ عن العلماء، واستقر بفاس مدرّساً، وكان ممّن لا تأخذه في الحق لومة لائم، وقد بالغ في الذبّ عن الشريعة والحرص على تقرير أصولها الرفيعة، لا يخاطب السلطان إلاّ بصريح الحق مشافهة ومكاتبة، رزق الأقبال من الخلق فيجتمع عليه الجم الغفير حيثما أقام حتى كان السلطان لا يتركه أن يقرّ في قراره، بل يأمر بالرحيل في أقرب مدة من الموضع الذي أستقرّ له إلى موضع آخر من كتبه: "زهر الأكم في الأمثال والحكم" و"حاشية على شرح مختصر الشيخ السنوسىي، و"المحاضرات" وغير ذلك، مات بقبيلة "بنى يوسىي (سنة ١١٠٢هـ). (القادري- التقاط الدرر: ٢/ ٢٥٨ ٢٦٠، السلاوي- الاستقصا: ٤/ ٥١، مخلوف- شجرة النور: ٣٢٨ - ٣٢٩، الكتاني- فهرس الفهارس: ٢/ ٤٦٤ - ٤٦٩، الزركلي- إعلام: ٢/ ٢٢٣، سركيس- معجم المطبوعات: ٢/ ١٩٥٩ - ١٩٦٠، كحالة- معجم المؤلفين: ٣/ ٢٩٤، الزاوية الدلائية: ١٠٢ - ١٠٨).

<<  <   >  >>