للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"تأليف الرسالة"- إلى أمير الوقت في رجل طلبه بعض العمّال بمغرم، ما نصّ الغرض منه: (أنا رجل قد عرف كثير من الناس اسمي، وهذا من البلاء- وأسأل الله أنْ يتغمّدني برحمته- وربما جاء المضطرّ يسأل الحاجة: فإنْ تأخرت خفت، وإنْ أسرعت فهذا أشدّ.

وقد كتبت إليك من مسألة: رجل من الطلبة طلب بدراهم، ولا شيء قبله، وحامل رقعتي: يشرح إليك ١ ما جرى، فعامل فيه من لا بدّ من لقائه، وأستحيي ممّن وجدت لذاذة العيش به، وشاور في أمرك الذين يخافون الله تعالى، واحذر بطانة السوء، فإنّهم إنّما يريدون دراهمك، ويقرّبون من النار لحمك ودمك، واحفظ تحفظ، واتّق الله- فإنّه {مَنْ يَتَّقِ اللَّة يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} ٢ - {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّة يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ٣ - واستعين بالله- فإنّه من يتوكّل على الله فهو حسبه- واستكثر من الزاد، فقد دنا الرحيل، والسلام.

فلما بلغ كتابه الأمير: أخذه وقبّله، وقال: "هذا كتاب صدّيق الله"، وأمر كاتبه: أن يكتب سجلاً لجميع الطلبة بالحفظ والرعاية، وأن يصرف عن طلبة الشيخ جميع ما كان أُخِذ لهم قبل من المظالم.

والمقصود منه: "وشاور في أمرك الذين يخافون ... إلى آخره" إذ ذاك كله، تحريض على عدم الثقة بالعمّال، فهو كقول سيدنا علي المار: "المغرور من غررقموه ".

فمن الحزم: أنْ لا يصدقهم السلطان على ضعفاء الرعية، لأنّ تصديقهم غرور من السلطان، ولا يولّي من طلب الولاية من الرعية، لما في البخاري، ومسلم، وغيرهما:


١ - في "ب" (لك).
٢ - سورة الطلاق / آية ٤، وتمامها: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّة يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
٣ - سورة الطلاق / آية ٢، وتمامها: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّةادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّة يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}.

<<  <   >  >>