للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالواجب على السلطان: أنْ يتولّى الفصل بنفسه فيما يحضره من الشكايات بين يديه، كما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين من بعده. قال الإمام الطرطوشي- في سراجه- ١: (بلغنا: أنّ ملكاً من الملوك، نزل به صمم، فأصبح (متوجعاً مهتماً) ٢ بأمور المظلومين، وأنّه لا يسمع إستغاثتهم ٣، فأمر منادياً ينادي: أنْ لا يلبس في مملكته ثوباً أحمر، إلاّ مظلوم، وقال: "لئن منعت سمعي، لم أمنع بصري"، فكان كل من ظلم يلبس ثوباً أحمر، ويقف تحت قصره، ويكشف عن ظلمه) ٤.

قال: (وكان بعض ملوك الصين: يجعل في بيت ملكه ناقوساً ٥ موصولاً بسلسلة، وطرف السلسلة في خارج الطريق، وعليها أمناء للسلطان مأمورون:


١ - "سراج الملوك" لأبي بكر الطرطوشي، وكتابه هذا قد طبع، وأوله: "الحمد لله الذي لم يزل ولا يزال وهو الكبير المتعال .... ".
وقد جمع فيه سير الأنبياء، وآثار الأولياء، ومواعظ العلماء، وحكم الحكماء، ونوادر الخلفاء، ورتبه ترتيباً أنيقاً قلّما سمع به ملك إلاّ إستكتبه، ولا وزير إلاّ استصحبه، يستغني الحكيم بمدارسته عن مباحثة الحكماء، والملك عن مشاورة الوزراء، وأبوابه أربعة وستون باباً. (حاجي خليفة- كشف الظنون: ٢/ ٩٨٤).
٢ - في جميع النسخ (مسترجعاً مهموماً) وما أثبتناه قد ثبت في "سراج الملوك" للطرطوشي.
٣ - في جميع النسخ (باستغاثتهم) وما أثبتناه قد ثبت في "سراج الملوك ".
٤ - أنظر: الطرطوشي- سراج الملوك: ٥٤، "باب: في بيان معرف الخصال التي هي قواعد السلطان ولا ثبات له دونها".
ونقلها- أيضاً- الغزالي في "أحياء علوم الدين": ٢/ ٣٥١ - ٣٥٢، فيما حكاه ابن المهاجر عن أمير المؤمنين "المنصور" حينما قدم مكة وسمع رجلاً عند الملتزم: يشكو حاله من الظلمة لله، فدار بينه ويبن الرجل حديثاً طويلاً، وتضمن- هذا الحديث- هذه القصة عن أحد ملوك الصين. وكذلك أوردها ابن الأزرق في "بدائع السلك في طبائع الملك": ١/ ٣٥٧، وقال: (وهي بتمامها مذكورة في الإحياء).
٥ - في "الأصل" (ناقوصاً) وكذلك في "ج"، وما أثبتناه من "ب" قد ثبت في "سراج الملوك للطرطوشي"، والناقوس: عبارة عن خشبة طويلة يضربها النصارى إعلاماً للدخول في صلاتهم (المصباح المنير: ٢/ ٣٣١).

<<  <   >  >>