للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن غاب منهم "فعدّوهم، فوجدوهم ثمانية لا يزيدون، فقام الطاغية ضاحكاً مسروراً، وهو ١ يقول: "ما أبيضك من يوم".

ثم تناشبت الحرب، فلم تزل المضاربة ٢ بين الفريقين، ولم يولّ واحد منهم دبره، ولا عن مقامه، حتى (فنى) ٣ أكثر العسكرَين، ولم يفرّ واحد منهم، ولما كان وقت العصر حملوا على المسلمين، وداخلوهم مداخلة واحدة، ففرّقوا بينهم وهزموهم.

فليعتبر ذو ٤ العزم في البصيرة، ببشرى الطاغية بالنصر والغنيمة، لما زاد في أبطاله رجل واحد) اهـ بنقل الطرطوشي ٥.

وذكر بعض المؤرخين: (أن بعض أمراء الأندلس الذين استحكموها إثر فتحها كان يقاتل عدوّه، وأمّر على طائفة من جيشه ولده، فوقعت الهزيمة على ناحية ولده، فجاء الأمير لولده بسيفه يقطر دماً ليقتله، وهو يقول: (هلاّ صبرت حتى قتلت وسلّمت، ولا تأتيني بالذلة والهزيمة" فما ردّه خواصه عن قتل ولده إلاّ بمشقّة.

فلما رأي عمّاله ما فعل بولده، قالوا: "هذا ما فعل بولده، فكيف بنا! " فلم ينهزهم أحد من عمّاله بعد).

فتهديد العمّال وتوعّدهم بالقتل إن انهزموا، من مكائد الحرب.

وذكر الموّاق- رحمه الله-: (أنّ عثمان ٦ - رضي الله عنه- أمّر-: ابن أبي


١ - ساقطة من "ب".
٢ - في "سراج الملوك للطرطوشي" (المصابرة).
٣ - في "الأصل" (أفنى) وكذلك في "ب"، وما أثبتاه من "ج" و"د" قد ثبت في "سراج الملوك".
٤ - في"ب" و"ج" و"د" (ذوو).
٥ - نقله الطرطوشي في "سراج الملوك": ١٧٥ - ١٧٦، "باب: في ذكر الحروب ومكائدها". وابن العنابي في "السعي المحمود في نظام الجنود": ١٦٣ - ١٦٤، وعزا نقله للطرطوشي.
٦ - عثمان بن عفان، أمير المؤمنين ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين. قتل (سنة ٣هـ). (ابن حبيب- المحبر: ٣٧٧، ابن الجوزي- صفة:١/ ١١٢، الزركلي- الأعلام: ٤/ ٢١٠).

<<  <   >  >>