للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفرّق من عنده بينهما: بأن مال من أسلم كان مباحاً قبل إسلامه، بخلاف مال المسلم بالأصالة، فإنه لم يتقدّم له كفر يبيح ماله ١.

ثم ذكر صاحب "المعيار" عن "ابن رشد" كلاماً ٢، وقال عقبه: (هذا يؤذن بترجيح خلاف ما رجّحه ابن الحاج من الفرق المذكور) ٣ اهـ كلام صاحب "المعيار" بتقديم، وتأخير، واختصار، وزيادة، للايضاح.

وقد علمت منه: أن المسلم بالأصالة ومن تجدّد إسلامه سواء في الأحكام المذكورة، وأن ما فرّق به "ابن الحاج" يردّ بما "لابن رشد"، لأنّه المقدم عند الاختلاف، ولا سيّما- وقد تقدّم-: أنه المشهور عن "مالك".

بل قد يقال: إن المسلم بالأصالة يؤخذ بالأحرى من حكم من أسلم لا بالمساواة، لأن من أسلم ربما يعذر، لقرب عهده بالإسلام، فلم يعلم بوجوب


= سعادة، وغيرهم، كان يدور القضاء في وقته بينه وبين أبي الوليد ابن رشد في خلافة يوسف بن تاشفين، من كتبه: "النوازل" المشهورة، و"شرح خطبة صحيح مسلم"، و"كتاب الايمان" وغير ذلك. قتل ظلماً وهو ساجد في صلاة الجمعة (سنة ٥٢٩هـ). أنظر: ابن بشكوال- الصلة: ٢/ ٥٨٠ - ٤٨١، الضبي- بغية الملتمس: ٥١، مخلوف- شجرة النور: ١٣٢).
١ - أنظر: الونشريسي- المعيار: ٢/ ١٢٩، وقال (ويعتضد هذا الفرق بنص آخر مسألة من سماع يحيى من كتاب الجهاد ولفظه: وسألته عمّن تخلف من أهل "برشلونة" من المسلمين عن الارتحال عنهم بعد السنة التي أجّلت لهم يوم فتحت في ارتحالهم، فأغار على المسلمين تعوذاً ممّن يخاف من القتل ان ظفر به، فقال ما أراه إلاّ بمنزلة المحارب الذي يتلصّص بدار الإسلام من المسلمين، وذلك أنه مقيم على دين الإسلام، فإن أصيب فأمره إلى الإمام يحكم فيه بمثل ما يحكم في أهل الفساد والحرابة. وأما ماله فلا أراه يحلّ لأحد أصابه) انتهى.
٢ - هو قول ابن رشد في ردة على ابن الحاج: (انهم في غارتهم على المسلمين بمنزلة المحاربين، صحيح لا اختلاف فيه، لأن المسلم إذا حارب فسواء كانت حرابته في بلد الإسلام، أو في بلد الكفر، الحكم فيه سواء، وأما قوله في ماله: "أنه لا يحلّ لأحد أصابه"، فهو خلاف ظاهر قول مالك في "المدوّنة": في الذي يسلم في دار الحرب، ثم يغزو المسلمون تلك الدار فيصيبون أهله وماله، ان ذلك كله فيء، إذ لم يفرق فيها بين أن يكون الجيش غنم ماله وولده قبل خروجه أو بعد خروجه). (المعيار: ٢/ ١٣٠).
٣ - انظر: الونشريسي- المعيار: ٢/ ١٣٠.

<<  <   >  >>