فإذا فعلت ذلك تركته في الهواء، وإن شئت في الشمس، وإن كان ثَمَّ عجلة فدعه بقرب نار لينة ولا تعلقه حتى يجف جفافاً مستوياً وإلا انقلب عليك فاحذر ذلك.
ويجب أن تكون قد أخذت قَدْر الكتاب قبل إنْزالك له في المعصرة فتضع القدْر حذاك على البلاطة وتلطخه بأشراس كما وصفت لك ثم تطبق عليه ورقة أخرى وتترك فوقه ورقة، وتمسح الورقة ثم تعدلها بالنصاب ثم تطبق أخرى على قدر ما يصلح. أما العراقيون فإنهم يلزقون الكتاب بورقة منه بلا هذه البطائن وتسمى التقاوي. ورأى قوم آخرون عملها وذلك أنها تصون الكتاب وأن مثَلها كمثل الثوب والتخت.
فإذا جف الجزء وجفت التقاوي، فأخرج الجزء من المعصرة برفق، ودعه على البلاطة واعطف الورقتين الفاضلتين عليه، ثم اعمد إلى التقاوي فاصقلها صقلاً جيداً، ثم ضع المسطرة على حافتها، ثم خط خطاً. وقُصَّه بالمقص والصقها على الجزء بأن تشيل الورقة
التي لزقتها أسفله وتضع التقوية على الكتاب فيجيء طرفها مع الذي قصصته أسفل الجزء، ثم تلصقها. فإذا لصقتها من الجانبين أخذت ورقة قليلة العرض ويكون عرضها إصبعين فتلصقها عليه من الجانب الآخر ليمنعه أن ينفتح. فإذا بلغ إلى هذا الحد فصَّلت عليه الجلد.
والجلد يحتاج أن يُنَقَّى، فإن كان يمانياً أو مما يجلب من عمل الطائف ومثل هذه الديار فَيُنْتَقى منه ما كان صافياً مليح اللون جيد الدباغ. ومعرفة جودة دباغته أن تعركه يدك فإن رأيته ليناً فهو جيد، وإن خالف ذلك فليس بجيد وهذا الأديم ينبغي أن يغسل في الحمام، وذلك أن الماء الحار يفتحه ويلينه وليكن ماءً مالحاً والعلة فيه أنهم يدبغون بالماء المالح فإذا وقع عليه الماء الحلو أفضحه وأفسده، وإذا غُسل بالماء الحار أخرجه وحسَّنه. واغسله بعد ذلك بالماء الحلو.