للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا (مُطَابِقًا) يعني: موافقًا (لِلْحَالِ) أي: لمقتضى الحال. و (يَكُنْ) هذا فعل الشرط، والجواب قوله: (فَهْوَ الْبَلِيغُ)، (إِنْ يَكُنْ) الكلام الفصيح لا بد من معرفة أن الكلام هنا لا بد أن يكون فصيحًا يعني: شرط الفصاحة، فصاحة الكلام مأخوذ في حدِّ البلاغة يعني: بلاغة الكلام، إذ لا يكون الكلام بليغًا إلا إذا كان فصيحًا، فيتفقان ويزيد الكلام البليغ على الكلام الفصيح بكونه مطابقًا للحال، إذًا الكلام البليغ ما اشتمل على أمرين:

الأمر الأول: فصاحته. يعني: بأن سَلِمَ من الأمور الثلاثة التي ذُكِرَتْ في فصاحة الكلام، يزيد على فصاحة الكلام أو الكلام الفصيح بكونه مطابقًا للحال، وهو الذي يذكره البيانيون في هذا الموضع، والحال المراد بالحال هنا مطابقًا للحال هو: الأمر الداعي إلى التكلم على وجه مخصوص. يعني: الذي كان سببًا للمتكلم أن يزيد في اللفظ على أصل المعنى ما يطابق هذا الحال، يعني شيء منفك عن المتكلم أمر يكون باعتبار المخاطَب أو السامِع فيقتضي من المتكلم أن يزيد في كلامه ما يطابق حاله، حينئذٍ الحال هو الأمر يعني: الشأن والشيء الداعي الذي طلب إلى المتكلِم أو إلى التَّكَلُّم على وجه مخصوص، وذلك يعني وصفه بأن يعتبر مع الكلام الذي يؤدى به أصل المعنى خصوصية ما، الأصل في الكلام أنه يؤتى به لإفادة إثبات مضمون الخبر للمبتدأ، زَيْدٌ قَائِمٌ، هنا أصل المعنى ما هو؟ ثبوت القيام لزيد هذا الأصل مضمون الجملة مع الثبوت، واضح؟ زَيْدٌ قَائِمٌ أصل الكلام حصل بالمسند والمسند إليه، قد يكون المخاطب عنده شيء من الإنكار أو التردد لهذا الخبر، فحينئذٍ يقتضي هذا التردد من المخاطب يقتضي من المتكلم أن يزيد على اللفظ الذي حصل به تأدية أصل المعنى وهو زَيْدٌ قَائِمٌ بعض الألفاظ كالمؤكدات من أجل أن يطابق الحال الذي هو حال المنكِر أو المتردد، فكونه كون المخاطب مُتَرَدِّدًا في الحكم هذا يُسمَّى حال، هذا الحال اقتضى مني أنا المتكلِم أن أزيد في اللفظ الذي به يحصُل إفادة المعنى في أساسه أن أزيده شيئًا ما من أجل أن يطابق الحال، وهذا ما يسمى بالتأكيد، إذًا الأمر الدَّاعي إلى التَّكَلُّمِ على وجه مخصوص لأن التَّكَلُّمَ على مرتبتين:

الأولى: ما يفيد أصل المعنى، وهذا يحصل بمجرد ماذا؟ بمجرد المبتدأ مع الخبر والفعل مع فاعله أو نائبه، هذا يحصل به ماذا؟ تأدية أصل المعنى، قد يُلْقَى الكلام ليس المراد به تأدية أصل المعنى فحسب وإنما زيادة أخرى، وهي التي يقتضيها الحال من حيث التأكيد وعدمه، وذلك بأن يعتبر مع الكلام الذي يُؤَدَّى به أصل المعنى خصوصية ما، وذلك هو مقتضى الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>