للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا خلاف بين البصريين والكوفيين أنه يجوز إعمال كل واحد من العاملين في ذلك الاسم الظاهر، ولكن اختلفوا في الأولى منهما، وذهب البصريون إلى أن الثاني أولى به لقربه منه، ولعدم الفصل بالجملة، ولعطفه قبل تمام الجملة.

وذهب الكوفيون إلى أن الأول أولى به؛ لتقدمه، وأيضاً لنسلم من الإضمار قبل الذكر؛ لأنك إذا قدرت في الأول: قاما وقعد أخواك؛ وقعنا في مشكلة وهي: أن (قاما) الضمير يعود إلى (أخواك)، حينئذٍ عاد على متأخر في اللفظ والرتبة، لكن هذا مما استثني في باب التنازع كما سبق، لكنه خلاف الأولى، خلاف القياس؛ لأن القياس أن يعود على ما سبق.

إذاً ذهب الكوفيون إلى أن الأول أولى به لتقدمه وسبقه من الإضمار قبل الذكر يعني سلامته.

يشترط في المعمول هنا أربعة شروط، المعمول الاسم الذي يأتي هذا نذكره:

الأول: ألا يكون ضميراً مستتراً.

الثاني: -عند بعضهم- ألا يكون ضميراً متصلاً بعامله، نحو: لقيتُ، وأكرمَك.

الثالث: أن يكون متأخراً عنهما كما ذكرناه.

الرابع: أن يكون هذا الاسم قابلاً للإضمار، فلا تنازع في الحال ولا في التمييز؛ لأن كل واحد منهما لا يكون نكرة، وهذه بعضُها فيها خلاف.

وَأَعْمِلِ الْمُهْمَلَ فِي ضَميِرِ مَا ... تَنَازَعَاهُ والْتَزِمْ مَا الْتُزِمَا

كَيُحْسِنَانِ وَيُسِيءُ ابْنَاكَا ... وَقَدْ بَغَى وَاعْتَدَيَا عَبْدَاكَا

(وَأَعْمِلِ الْمُهْمَلَ فِي ضَميِرِ مَا تَنَازَعَاهُ) عندنا عاملان إذا أعملتَ الأول أو الثاني حينئذٍ وجب إضمار الفاعل في المهمل، هنا عندنا المهمل اصطلاح خاص، ليس المهمل يعني مهمل عن العمل، لا، المهمل الذي لم يسلط على الاسم الظاهر، نسميه: مهملاً، ليس المراد أنه لا عمل له، لا، المراد هو الذي لم يعمل في الاسم الظاهر مع توجهه إليه في المعنى، لكنه يعمل، إذا قلت مثلاً قام وقعد أخواك، لو قلنا أخوك ما ظهر الفرق لأنه ضمير مستتر، (قام وقعد أخواك) نمثل بالمثنى والجمع، (قام) هذا يطلب أخواك على أنه فاعل، (قعد) يطلب أخواك على أنه فاعل، نعمل الأول أو الثاني؟

نبدأ بالأول، نُعمل الأول، حينئذٍ نقول: قام أخواك هذا فاعل له، وقعد نضمر فيه ضميراً دالاً على التثنية (قام وقعدا أخواك) أضمرنا، أعملناه في ضمير ما تنازعاه، والذي تنازعاه ما هو؟

أخواك، حينئذٍ قعد يطلب فاعلاً والفاعل لا بد من ذكره لا يحذف، لا يجوز لا يمكن حذفه، خلافاً للكسائي ومن تبعه فحينئذٍ وجب الإضمار في الثاني إضمار ماذا؟

الفاعل، إذاً: (قام وقعدا أخواك)، (قعدا أخواك)، (أخواك) هذا فاعل لقاما، وفاعل قعد (الألف)، أضمرناه من أجل أننا أهملناه يعني فصلناه عن الاسم المذكور الظاهر؛ لأننا قلنا لا يجتمع عاملان على معمول واحدٍ، حل هذه المشكلة أن نجعل الاسم الظاهر لواحد وهو قام، ونجعل للثاني فاعل آخر، إذاً فككنا الجهة فصارت الجهة منفكة.

قعدا بالألف، اعكس، أعمل الثاني، (قاما –بالألف- وقعد أخواك): وَأَعْمِلِ الْمُهْمَلَ

سواء كان الأول أو الثاني، أعمله في ماذا؟