[عناصر الدرس]
* الوصفية والعدل , وتعريف العدل واثتاته عند النحاة
* جمع الجموع وصيغة منتهى الجموع وما شابهه.
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم - رحمه الله تعالى -:
وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ مُعتَبَرْ ... فِي لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَأُخَرْ
وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا ... مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ فَلتَعْلَمَا
سبق أن العلل التي يُمنع الاسم من الصَرف من وجودها فيه محصورة في تسع، منها اثنتان راجعتان إلى معنى، وهما: العلمية، والوصف، وبقية العلل إنما هي راجعة للفظ:
اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أَنِّثْ بِمَعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَةً فَالْوَصْفُ قَدْ كَمُلاَ
سبق أيضاً أن ما يقوم مقام علتين هذا محصورٌ في شيئين، وهما:
- ألف التأنيث مُطلقاً، وقد بدأ بها الناظم في قوله:
فَألِفُ التَّأْنِيْثِ مُطْلَقَاً مَنَعْ ... صَرْفَ الَّذِيْ حَوَاهُ كَيْفَمَا وَقَعْ
هذا النوع الأول.
- ثُمَّ النوع الثاني: ما كان على وزن: (فَعلَان) بزيادة ألف ونون، وهو وَصْفٍ سَلِمْ ... مِنْ أَنْ يُرَى بِتَاءِ تَأْنِيْثٍ خُتِمْ.
- ثُمَّ النوع الثالث: وهو الوصف الأصلي مع وزن: (أفعَلَا) وقلنا: الأولى أن يُعبَر بكون الفعل أولى به.
- ثُمَّ الرابع: وهو الذي عناه بقوله:
وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ مُعتَبَرْ ... فِي لَفْظِ مَثْنَى. . . .
الـ (عَدْلُ) هو من العلل اللفظية .. التي ترجع إلى اللفظ، ولا يكون العدل في المعاني البتَّة، إلا على قولٍ قيل به، لكن المشهور عند النحاة: أن العدل إنما يكون في اللفظ، والمراد بالعدَل: تَحويل الاسم من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى مع بَقَاء المعنى الأصلي، هذا أسهل ما عُرِّفَ به العَدل، والعَدل في أصله علةٌ مُتكَلَّفة، يعني: مُقدَّرة فقط .. اعتبارية في الذهن، وإلا لا وجود لها، وإنما ألجأ النحاة إلى ذلك لكونهم لم يجدوا في بعض الأسماء ما يُمنع من الصرف مع العلمية، لم يُوجد إلا عِلة واحدة فابتكروا هذه العِلة، وقالوا: هذا اللفظ معدُولٌ عن كذا .. أصله كذا.
حينئذٍ يَحتاج إلى ثَبَت، أن أصل عُمَر (عَامِر) وأصل زُحَل (زاحل) وقُثَم (قَاثِم) وجُشَم (جَاشِم) نقول: ما الدليل على أن أصل هذه الأسماء (فُعَل) هو ما ذكرتموه كونه معدولاً عن فاعل، حينئذٍ لمَّا وجدوا: عمر، وزحل، وهبل، ومثنى، وثلاث، ورباع، وجدوها ممنوعة من الصرف، ولم يوجد في: عمر ونحوه إلا العلمية فقط، ولم يوجد في مثنى ونحوه إلا الوصفية فقط.
حينئذٍ إمَّا أن يُقال: بأنه مُنِع لعلة واحدة: الوصفية في مثنى وثلاث ورباع ونَحوها، وإمّا أن يقال بِثَمَّ عِلَة لكنها مُقدَّرة، فابتكروا عِلَة (العَدل) قالوا إذاً: في مثنى وثلاث ورباع، علةٌ معنوية وهي الوصفية، ومعه علة أخرى وهي كَونه مَعدولاً عن اسم الآخَر، فأصل مثنى (اثنان اثنان) وأصل مثلث كذلك (ثلاثة ثلاثة) إذاً: عُدِل عن الاسمين مثنى (اثنين اثنين) عُدِل عنهما وعُبِّرَ بـ: (مثنى) وكذلك (ثُنَا) كما سيأتي.