للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* مسوغات مجئ صاحب الحال نكرة

* تقديم الحال على صاحبه

* مسوغات مجئ صاحب الحال مضافاُ إليه.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَلَمْ يُنكَّرْ غَالِباً ذُو الْحَالِ إِنْ ... لَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ يُخَصَّصْ أَوْ يَبِنْ

مِنْ بَعْدِ نَفْيٍ أَوْ مُضَاهِيهِ كَلاَ ... يَبْغِ امْرُؤٌ عَلَى امْرِىءٍ مُسْتَسْهِلاَ

هذا شروعٌ منه في ما يتعلَّق بصاحب الحال, صاحبُ الحال يُشترَط فيه عند النحاة أن يكون معرفة بلفظه أو يكون نكرة لكنه بمسوّغ؛ لأن حكمه حكم المبتدأ، الحال في المعنى كالخبر، وإذا كان كذلك صار صاحب الحال كالمبتدأ؛ لأنه محكوم عليه، والحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، والحكم على النكرة لا يُفيد شيئاً.

إذن لا بد أن يكون صاحب الحال معرفة؛ هذا وجهُ اشتراط صاحب الحال أن يكون معرفة؛ لأن الحال في المعنى مُوافقة للخبر، والخبرُ محكوم به، وإذا كان كذلك حينئذٍ يُشترَط في الحال ما اشتُرِط في الخبر، وهو كون المحكوم عليه معرفة أو نكرة لها مسوّغ.

وَلَمْ يُنكَّرْ غَالِباً ذُو الْحَالِ .. وَلَمْ يُنكَّرْ ذُو الْحَالِ غَالِباً، وَلَمْ يُنكَّرْ: هذا مُغيّر الصيغة ومجزوم بلم، وذُو الْحَالِ، ذُو: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة.

إذن ذُو نقول: نائب فاعل مرفوع ورفعه الواو نيابةً عن الضمة، لأنه من الأسماء الخمسة أو الستة، وهو مضاف والْحَالِ مضاف إليه.

صاحب الحال المراد به من كانت الحال وصفاً له، فحينئذٍ يُنظَر فيه إلى المعنى، جاء زيدٌ راكباً, راكباً وصف لمن؟ لزيد، ضربتُ اللص مكتوفاً، مَن المكتوف؟ قطعاً المضروب الضارب كيف يضرب وهو مكتوف؟ إذن: نقول: هذا حال من المفعول به.

ذُوالْحَالِ أي صاحب الحال، وهو من كانت الحال وصفاً له، وهذا يُرجَع فيه إلى المعنى، وإذا احتملَ حينئذٍ جُوِّز الوجهان؛ ضربت زيداً راكباً، يحتمل أني ضارب وأنا راكب وزيد ماش، ويحتمل العكس؛ أنا ماشي وزيد راكب، فراكباً هذه يحتمل أنه حال من الفاعل، ويحتمل أنه حال من المفعول، فيُجوَّزُ على حسب المعنى، هنا المقاصد لها اعتبار، إذا أراد أنهما راكبان حينئذٍ يقول: ضربت زيداً راكبينِ، بالتثنية، هذا واجب؛ لأن الأصل راكباً راكباً, (راكباً) الأولى حال لزيد، و (راكباً) الثانية حال للتاء، ضربت زيداً راكباً راكباً، هذا الأصل، فإذا اتحدا لفظاً وجبَ التثنية تقول: ضربت زيداً راكبين.

وَلَمْ يُنكَّرْ غَالِباً ذُو الْحَالِ، لَمْ يُنكَّرْ إذا لم ينكر حينئذٍ جاء معرفة.

قوله: غَالِباً احترازاً من غير الغالب، حينئذٍ قد يأتي نكرةً، وهل هو سماعي أو قياسي؟ سيأتي أن سيبويه يرى العموم.

الأصل في صاحب الحال أن يكون معرفة، والسرُّ في ذلك أنه في الحقيقة مُبتدأ، فنسبةُ الوصف إليه كأنه مبتدأ؛ فقولك: (جاء زيد راكباً) بمنزلة (زيد راكب)، مُبتدأ وخبر، فصاحبُ الحال شبيهٌ بالمبتدأ، وعليه فالمبتدأ لا يكونُ إلا معرفة أو نكرةً بمسوّغ.

قال:

إِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ يُخَصَّصْ أَوْ يَبِنْ ... مِنْ بَعْدِ نَفْيٍ أَوْ مُضَاهِيهِ .......