للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* اللغات في (سوى) وحكم المستثنى بها

* حكم المستثنى بـ (ليس وخلا وعلا ويكون) ـ

* حكم المستثنى بـ (حاشا)) واللغات فيها

* شرح الترجمة (الحال) وحده وبعض المسائل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَلِسِوَىً سُوَىً سَوَاءً اجْعَلاَ ... عَلَى الأَصَحِّ مَا لِغَيْرٍ جُعِلاَ

وَلِسِوَىً كـ (رضى)، سِوَى: (رِضى)، سُوَى: (هُدى)، سَوَاء: (سَمَاء)، بقي واحدة وهي: (سِوَاء) كـ (بِناء)، وهي أغربها؛ ولذلك ترَكَها الناظم، والظاهر أنه لم يذكرها عمداً.

وَلِسِوَىً سُوَىً سَوَاءً: عدَّدَها بلغاتها، يعني: أراد أن يُبيِّن أن لـ (سِوَى) عدة لغات كلها بدون تفصيل، اجعل لها عَلَى الأَصَحِّ مَا لِغَيْرٍ جُعِلاَ: ما جُعل لـ (غير)، والذي جُعِل لغير هو: ما نُسِب لمستثنىً بـ (إلا)، إذن: كل ما أُعطي لغير كذلك يُعطى سِوَى، إذن لا فرقَ بينهما؛ لكن في الأول قال:

وَاسْتَثْنِ مَجْرُورَاً بِغَيْرٍ مُعْرَبَا ... بِمَا لِمُسْتَثْنىً بِإِلاَّ نُسِبَا

ولم يقل: على الأصح، وهنا قالَ: عَلَى الأَصَحِّ، والأصحُّ: أفعلُ تفضيل، قيل: مقابله الصحيح؛ تأدُّباً مع سيبويه؛ لأنه خالفَه وخالفَ شيخه الخليل في أن (سِوَى) لا تخرجُ عن الظرفية، فهي مُلازمةٌ لها، الظرفية المكانية، وخالفَهم ابن مالك رحمه الله تعالى لكثرة الشواهد في كون (سِوَى) تأتي مُبتدأً، وتأتي فاعلاً، وتأتي مجرورةً بحرف الجر، وتأتي مُضافةً، وتأتي اسم (إن)، وستأتي الشواهد كلها، هذه كلها تدلُّ على أنها مُتصرّفة، وإذا كان كذلك فحينئذٍ ليست بظرفٍ مُلازمٍ للظرفية، بل قد تأتي -وهذا قول للرماني وغيره- أنها قد تأتي ظرفاً كثيراً وغيرَ ظرفٍ قليلاً، وخصَّه بعضُهم بالشعر كما سيأتي.

إذا: وَلِسِوىً سُوَىً سَواءٍ اجْعَلاَ: (اجْعَلاَ) الألفُ هذه بدلٌ عن نون التوكيد الخفيفة (اجعلنْ) هذا الأصل فيها، فحينئذٍ (لسِوَىً) هذا مُتعلِّق به، والأصلُ في الفعل المؤكَّد أن لا يتقدَّمَ عليه عامله، ممنوع هذا، ولكن في مثل هذا نقول: من باب الضرورة، الفعل المؤكَّد بنون التوكيد الخفيفة والثقيلة، وكذلك ما دخلت عليه (قد) لأنها من المؤكِّدات، أو لام الابتداء، كل مؤكِّد حينئذٍ يمتنع أن يتقدّمَ معمول المؤكَّد عليه، ولكن في مثل هذه الأبيات -الشعر- يُقال فيه: من باب الضرورة.

إذن: (لِسِوَىً) هذا مُتعلّق بقوله: (اجعل)، على أنه مفعولٌ ثانٍ له.

عَلَى الأَصَحِّ: جار ومجرور متعلق بقوله: (اجْعَلاَ)، خِلافاً لسيبويه والخليل، أي: هو صحيح وما اختارَه الناظم أصحُّ، هو صحيح من قبيل: صحيح وأصح، وهذا من باب أن لا يخالفَ الناظمُ سيبويه فحسب، يخرِّجون هذه التخريجات من أجل أن لا يخالف الناظم سيبويه؛ لأن الأصل موافقة سيبويه وعدم مخالفته، فإذا وُجِد ما يخالف لا بد من التأويل.