هذا شروع منه في الأحكام التركيبية، فكل ما سبق من أول المنظومة إلى آخر بيت وقفنا عنده في آخر المعرف بأداة التعريف، هذا متعلق بالأحكام الإفرادية، يعني الكلمات من حيث هي، ولذلك الأصل في البحث في الأسماء الستة والمثنى والجمع وجمع التكسير الأصل فيه أنها من مباحث الصرفيين وليس من مباحث النحاة، ولكن لما كانت الحاجة لازمة لمعرفة الحكم الذي يقال فيه بأنه مثنى ويرفع بالألف كانت الحاجة ماسة أن تذكر هذه المسائل في باب النحو وحينئذٍ انتقلت إلى فن النحو وإلا فالأصل هي من مباحث الصرفيين؛ لأن البحث عن أحوال الكلمة من حيث الإفراد هذا هو بحث الصرفي، والبحث عن الكلمة من حيث التركيب هذا هو بحث النحوي، ولذلك قلنا في حد النحو الشامل لنوعي الصرف والنحو الخاص: أنه علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم إفراداً وتركيباً، إفراداً هذا ما يتعلق بجوهر الكلمة من حيث هي، كيف تثنى، كيف نأتي بها إذا أردنا أن نضعها في تركيب يفيد أنها مرفوعة أو أنها منصوبة، جمع المذكر السالم كيف يكون، كذلك جمع التكسير، الأسماء الستة .. إلى آخره، نقول: هذه الأصل فيها والبحث فيها يكون في فن الصرف، لأن متعلقها إفراد -مفرد- حينئذٍ النحو خاص بالتراكيب، وإذا أردنا أن يكون النحو خاصاً بالمصطلح الخاص عند المتأخرين حينئذٍ نقول: النحو هو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناءً، والإعراب والبناء إنما يكون في حال التركيب لا قبل التركيب كما سبق بيانه.
والابتداء، نقول: هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في الولوج في أصول النحو؛ لأنه سيبين لنا أصل بل أصول متعلقة بالجملة الاسمية، متى يكون اللفظ مبتدأً، وما حكمه، وأقسام المبتدأ وأقسام الخبر، ومتى يجوز حذف كل منهما، ومتى يجب .. إلى آخره، فيما يأتي بيانه في المسائل التي نظمها رحمه الله تعالى.
إذاً: هذا شروع منه في الأحكام التركيبية، والتركيب المفيد إما جملة اسمية وإما جملة فعلية، هذا كما سبق أن الجملة نوعان: جملة اسمية؛ وهي ما صدرت باسم، وجملة فعلية؛ وهي ما صدرت بفعل.
ومن الجملة الاسمية اسم الفعل مع مرفوعه، هيهات العقيق قلنا: هذه جملة اسمية؛ لأن هيهات هذا اسم فعل ماضي، وإذا كان كذلك حينئذٍ صار مُصَدَّرَاً أو صارت هذه الجملة مُصَدَّرةً باسم، وإذا كانت مصدرة باسم حينئذٍ نحكم عليها بكونها جملة اسمية.