[عناصر الدرس]
* حالات الخبر من حيث التقديم والتأخير
* الحالة الأولى: جواز التقديم والتأخير
* الحالة الثانية: امتناع التقديم
* الحالة الثالثة: وجوب التقديم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَالأَصْلُ فِي الأَخْبارِ أَنْ تُؤَخَّرَا ... وَجَوَّزُوا التَّقْدِيمَ إِذْ لاَ ضَرَرَا
اعلم أولاً أن الأصل هو تقديم المبتدأ، هذا هو الأصل، يعني الراجح الموافق للشيء الوضعي والطبعي أن يكون المبتدأ مقدماً على الخبر، الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر، لماذا؟ لأن المبتدأ محكوم عليه، والخبر محكوم به، وشأن المحكوم عليه التقديم على المحكوم به، هذا أمر طبعي ووافق الوضعي، فلا بد من تقديمه ليتحقق ويجوز تأخيره حيث لا مانع نحو: قائم زيد كما سيأتي.
وكذلك من جهة أخرى أن الخبر وصف في المعنى للمبتدأ، زيد قائم، فحكمت بالقيام على زيد، وكذلك وصفته من حيث المعنى بكونه قائماً، وحينئذ الموصوف شأنه التقديم على صفته، الموصوف الأصل أنه يتقدم على صفته، وحينئذ لما كان الخبر في المعنى وصفاً، والمبتدأ في المعنى موصوفاً قلنا شأن الموصوف أن يتقدم على الصفة.
اعلم أن للخبر في نفسه حالتين: التقدم والتأخر، هذا من حيث هو، لا باعتبار كونه جائزاً أو واجباً إما متقدماً وإما متأخراً، أنت إذا أردت أن تنطق بالخبر فإما أن تنطق به متقدماً على المبتدأ، وإما أن تنطق به مؤخراً عن المبتدأ، إما مقدماً وإما مؤخراً لا ثالث لهما -من حيث اللفظ والنطق لا ثالث لهما-، وإنما يأتي الحكم -وهذا أمر معنوي- من حيث عدم التقديم أو عدم التأخير، نقول: هذا شيء لاحق للفظ فهو وصف له.
إذاً الخبر في نفسه له حالتان: التقدم والتأخر، والأصل منهما التأخر، الأصل هو التأخر لما ذكرناه سابقاً؛ لأنه محكوم به ولأنه وصف في المعنى، بقطع النظر عن كونه واجباً أو جائزاً، لأنه إذا نطقت به متأخراً حينئذ إما أن يكون على جهة الوجوب وإما أن يكون على جهة الجواز، فإذا نطقت به متأخراً فحينئذ وافق اللفظ -نطقك- ما جاء في لسان العرب، ثم هل هو واجب أو جائز؟ هذا حال ووصف للخبر.
إذاً من حيث هو بقطع النظر عن كونه واجباً أو جائزاً، الخبر له حالان إما التأخر وإما التقدم، والتأخر هو الأصل.
ولهما من حيث التفصيل باعتبار الأحكام التي تعتري الخبر ولا يكون منطوقاً به وإنما هو حكم وصف لاحق به ثلاثة أحكام: أولاً: وجوب التأخر وامتناع التقدم، يجب أن يكون متأخراً، الثاني العكس: وهو وجوب التقدم وامتناع التأخر، هذا عكس الأول هذا حكم للخبر.
الثالث: جواز التقدم والتأخر وهذا هو الأصل من الثلاثة؛ إذ الأصل عدم الموجب والمانع، هذا هو الأصل عدم الموجب للتقدم، والمانع من التقدم، حينئذ يستوي فيه الأمران، ويكون الراجح التأخير لأنه موافق للأصل، يستوي فيه الأمران من حيث يجوز تقدمه على المبتدأ، لكن لا يلزم أن يكون هو الراجح بل الراجح هو التأخر مطلقاً سواء وجب أم جاز، لماذا؟ لأنه موافق للأصل.
إذاً ثلاثة أحكام للخبر:
وجوب التأخر وامتناع التقدم.
العكس -وهو وجوب التقدم وامتناع التأخر-.
جواز التقدم والتأخر.
هذان مسألتان، يعني التقدم والتأخر ثم كل منهما ثلاثة أقسام.