أراد في هذا البيت أن يبيِّن لنا معنى الواو .. واو العطف، ماذا تقتضي؟ حكي الإجماع على أنها للمعية مطلق المعية، وهي التي أرادها بقوله:(لاَحِقاً أَوْ سَابِقَاً أَوْ مُصَاحِبَاً).
الفاء هذه (فَاعْطِفْ) قلنا: فاء الفصيحة، و (بِوَاوٍ) مُتعلِّقٌ به، (فَاعْطِفْ بِوَاوٍ لاَحِقَاً) هذا أيضاً قيدٌ لـ: (فاعْطِفْ) لأن المفعول به .. المعمولات سواءٌ كانت مرفوعة أو منصوبة أو مخفوضة مكملات ومقيدات للعوامل، يعني: اعطف بواوٍ لا بغيرها، اعطف بواوٍ ماذا؟ قال:(لاَحِقَاً)، لاَحِق هذا اسم مفعول، وهو مفعولٌ به لقوله (اعْطِفْ): اعطف أنت لاحقاً، (أَوْ) للتنويع، (سَابِقَاً) هذا النوع الثاني، (أَوْ مُصاحِباً)(أَوْ) للتنويع أيضاً، و (مُصَاحِباً) معطوف على قوله: (لاَحِقاً) وكلٌ منها .. الثلاثة اسم فاعل، لاحق: اسم فاعل .. سابق .. مصاحب، كلها اسم فاعل، اسم الفاعل يعمل.
وقوله:(فِي الحُكْمِ) جار ومجرور تنازع فيه العاملان السابقان، وهما:(لاَحِقاً أَوْ سابقاً) يعني: كلٌ منهما يطلبه على أنه معمولٌ له، حينئذٍ نُعْمِل الثاني لقربه، وهو:(فِي الحُكْمِ) ونقول:
فِي الحُكْم مُتعلِّق بقوله:(سَابِق) طيب! لاحقاً هذا نُقدِّر له ثُمَّ نَحذفه؛ لأنه فَضْلة ليس بعمدة، فنقول:(لاَحِقاً) هذا مفعولٌ به حُذِفَ معموله .. هكذا عند الإعراب، أو حذف متعلقه وهو قوله:(فِي الحُكْمِ) لدلالة ما بعده عليه، وهو قوله:(فِي الحُكْمِ) وهذا تقرير ما سبق معنا في باب التنازع، على رأي من يرى أنه لا بأس أن يقع الاسم المتنازع فيه بين العوامل، حينئذٍ نقول: تنازع (فِي الحُكْمِ) ثلاثة عوامل: (لاَحِقاً أَوْ سَابِقاً أَوْ مُصَاحِباً).
فـ:(سَابِقاً) عُلِّقَ به في الحكم، وأضمر في الأول ثُمَّ حُذِف، (أَوْ مُصَاحِباً) إمَّا أن يكون من باب التنازع، أو أن يكون معطوفاً على لاحقاً وحذف معموله، لا لكونه متنازعاً فيه، وإنما اكتفاءً بما سبق من قوله:(في الحُكْمِ) يعني: حُذف من الثاني لدلالة الأول عليه، حينئذٍ مُصَاحِباً هذا: إمَّا أن يكون مُنازعاً لـ: (لاَحِقاً) أو سَابِقاً لقوله: (في الحُكْمِ) الجار والمجرور، وإمَّا أن يكون منفكاً، والثاني أصح، لماذا؟