حينئذٍ كونه مَعدولاً حُوِّل الاسم من اسمٍ إلى اسمٍ آخر مع بقاء المعنى الأصلي، (مثنى) اثنان اثنان: جاء الزيدون اثنين اثنين، حينئذٍ نقول:(اثنين اثنين) هذا دَلَّ على كونهما قد جاءا اثنين اثنين، يعني: دخلا اثنين اثنين، حينئذٍ المعنى باقٍ في قولنا: مثنى .. جَاء الزَيدون مثنى، أو: جاء الزيدان مثنى، نقول: المعنى باقٍ، إذاً: ما الذي حصل؟ حُوِّل اللفظ من لفظٍ إلى لفظٍ آخر، نقول: هذه العِلة عِلة مبتَكرة، وعِلة في الأصل أنها معدومة، ولذلك لا يلجأ .. بل يُصرِّح النحاة: أنه لا يُقال بالعَدل إلا عند عدم إمكان وجود عِلةٍ صالحة في المَحل، وهذا يَدُل على أنها ضعيفة، وأنها مُبتَكرة .. خيالية، يعني: أمر في الذهن فحسب، وأمَّا في الوجود فلا وجود لها.
إذاً نقول: العَدلُ قد يكون مع الوصفية، وقد يكون مع العَلَمِية، العَلَمية سيأتي في مَحله.
هنا قال:(وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ) إذاً العَدل: هو تحويل الاسم من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى، مع بقاء المعنى الأصلي، وهو خاصٌ باللفظ لا يكون في المعاني.
(وَمَنْعُ عَدْلٍ)(مَنْعُ) هذا مبتدأ، وهو مضاف، و (عَدْلٍ) هذا مضاف إليه، مَصدَر مُضاف إلى فاعله، العدل هو الذي يَمنع .. يَمنع العَدل.
(مَعَ وَصْفٍ) هذا نعت .. صفة، لأنها قَيد، (مَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ) وعرفنا الوصف المراد به، وهو عِلةٌ معنوية، إذاً: اجتمع عندنا علتان: إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى ترجع إلى المعنى، العَدل يرجع إلى اللفظ، والوصف يرجع إلى المعنى.
(مُعْتَبَرْ) المنع مُعتَبَرٌ، يعني: يَمنع الاسم وجود هاتين العلتين وهما: العَدل مع الوصفية، (فِي لَفْظِ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (مُعْتَبَرْ) قلنا: (مُعْتَبَرْ) هذا خبر، (فِي لَفْظِ مَثْنَى)(لَفظِ) مضاف، و (مَثْنَى) مضاف إليه مَجرور وجرُّه فتحة مُقدَّرة على آخره، لأنه ممنوع من الصرف، ولذلك قال:(وَثُلاَثَ) بالفتح، وهو معطوف على (مَثْنَى) والمعطوف على المجرور مجرور، وجَرُّه فتحة نائبةً عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعَدل والوصفية، (وَأُخَرْ) وأُخَرَ: هذا معطوف على (مَثْنَى) يعني: كما يكون العَدل في العدد .. في أسماء العدد، يكون في غيره.
ولذلك ابن هشام في (القطر) قال: " العَدل يكون في المعارف وفي غيرها، وغير المعارف يكون في الصفات – أسماء العدد – وغيرها " والمراد بأسماء العدد ما ذكره بـ: (مَثْنَى وَثُلاَثَ) وما فُرِّعَ عليهما.
(وَأُخَرْ) المراد به هذا اللفظ بعينه فقط، وأمَّا (سَحَر وأمسِ) فهذا سيأتي في العَلَمية، وأمَّا هنا في باب النكرات .. الصفات فليس عندنا إلا لفظ (أُخَرْ) .. مثنى وثلاث وأخر، إذاً نقول: مِمَّا يَمنع الصرف: اجتماع العَدل والوصف .. مما يَمنع الاسم أن يكون ممنوعاً من الصرف والتنوين والجر معاً: العَدل والوصف، وذلك في موضعين:
الأول: المعدُول في العدد إلى (مَفعَل) نحو: مَثنَى، أو (فُعَال) نحو: ثلاث، إذاً: وزنان لا ثالث هما، إمَّا (مَفْعَل) وإمَّا (فُعَال)، إذاً: هذان الوزنان خاصان بالعَدل في باب العدد.
والثاني: في (أُخَر) المقابل لـ: (آخرين) ولذلك قال: (لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَأُخَرْ).