للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن كان مثنى -الاسم الظاهر- فالضمير يكون مثنى، والضمير هنا يسمى مفسَّراً بفتح السين، والاسم الظاهر يكون مفسِّراً، وشرط المفسَّر والمفسِّر التطابق، تذكيراً وتأنيثاً إفراداً وتثنيةً وجمعاً كالمبتدأ والخبر لا بد منهما، فلذلك لابد أن يكون الفاعل الذي يرفعه المهمل مطابقاً للاسم الظاهر، فإن كان مثنى ثُنِّي، وإن كان جمعاً جُمِع.

قاموا وقعد إخوتك، أعملت الثاني في الاسم الظاهر، ثم تُعمل الأول في ضميرٍ عائدٍ على الاسم الظاهر، حينئذٍ لا بد من المطابقة، قاموا (بالواو)؛ لأن المرجع وهو إخوتك جمع فلا بد من التطابق، أما قام وقعد إخوتك، وتعمل الأول على أنه في ضميرٍ مستتر نقول هذا لا يصح؛ لأنه غير مطابق؛ لأن الضمير المستتر مفرد، هذا الأصل فيه، وإذا اتصل به ألف الاثنين والاسم الظاهر جَمْع، كذلك لم يحصل التطابق قاما وقعد إخوتك لم يحصل، وإنما لا بد من التطابق فتقول: قاموا (بالواو) وقعد إخوتك.

إذاً يعني من مطابقة الضمير للظاهر، ومن حذف الفضلة وإثبات العمدة، حذف الفضلة ليس مطلقاً فيه تفصيل سيأتي، وإنما المراد به من الثاني، الثاني يجب إثباته مطلقاً، الثاني إذا أهمل وجب إعماله في ضمير الاسم الظاهر مطلقاً، سواء كان مرفوعاً أو منصوباً إلا على مذهب الكوفيين من جواز حذفه.

ومن حذف الضمير في بعض الأحوال وتأخيره في بعضها، وما صلح لوقوعه على جميع ما ذكر، إذاً (والْتَزِمْ مَا): أي الأحكام التي التزمت، وسيأتي تفصيل بعضها، وأهم ما يعتنى به أن ما كان فاعلاً يجب ذكره، سواء أهملت الأول وأعملت الثاني أو بالعكس، لابد من إضمار الفاعل؛ لأن الفاعل لا يحذف.

مثَّل الناظم لإعمال كل من الأول دون الثاني، أو بالعكس، فقال: (كَيُحْسِنَانِ) (الكاف) هذه للتمثيل، أي كقولك: يُحْسِنَانِ وَيُسِيءُ ابْنَاكَا (الألف) للإطلاق، يُحْسِنَانِ وَيُسِيءُ ابْنَاكَ، أصلها يحسن ويسيء ابناك، مثل قام وقعد، يحسن ويسيء ابناك، ابناك هذا فاعل إما للأول وإما للثاني.

هنا الناظم في المثال الأول أعمل الثاني، حينئذٍ تقول: (يُسِيءُ) فعل مضارع مرفوع و (ابْنَاكَا) هذا فاعلٌ، فاعل لأي شيء؟ للثاني، ماذا بقي للأول؟ (يُحْسِنَ)، لا بد من أعماله في ضميرٍ يعود على الاسم الظاهر.

(وَأَعْمِلِ الْمُهْمَلَ فِي ضَميِرِ مَا تَنَازَعَاهُ)، وما تنازعاه هنا: (ابْنَاكَا) إذاً مثنى، وإذا كان فعلاً مضارعاً حينئذٍ صار من الأمثلة الخمسة، فتقول: (يحسن) تضيف عليها (الألف) فصار (يحسنا)، فرفعه حينئذٍ يكون بثبات النون؛ لأنه على وزن يفعلان، فصار يُحْسِنَانِ، (يحسن) فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل وهو ضمير يعود على الاسم الظاهر، إذاً أعملت الثاني في الاسم الظاهر وهو َيُسِيءُ، وأهملت الأول، أهملته بمعنى أنك لم تسلطه على الاسم الظاهر، ثم أعملته في ضميرٍ يعود على الاسم الظاهر، لماذا؟ لأنه فعل وكل فعلٍ لا بد له من فاعل فقلت: يُحْسِنَانِ وَيُسِيءُ ابْنَاكَا.

وَقَدْ بَغَى وَاعْتَدَيَا عَبْدَاكَا: