للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال في المصباح: النداء: الدعاء، وكسر النون أكثر من ضمها، إذاً: يجوز الوجهان: كسر النون أكثر من ضمها، يجوز الضم ويجوز الكسر، إلا أن الكسر أكثر من الضم.

والمد فيهما أكثر من القصر، يعني: فيما كسر أو ضم من النون المد أكثر من القصر، إذاً: يجوز فيه القصر، ويجوز فيه المد، ما المراد بالمد؟ النداء –همزة-، والقصر: الندا -دون همزة-، إذاً: كم لغة صارت معنا؟ أربع لغات: نِدا .. نُدا .. نِداءٌ .. نُداءٌ، الندا بالكسر أكثر من الضم فيهما، يعني: النِدا والنِداءُ أكثر من النُدا والنُداء، والمد فيهما أكثر من القصر، النِداءُ أكثر من الندا، والنُداءُ أكثر من الندا، هذه أربع لغات.

إذاً قوله: والندا، هل قَصَرَ هنا من أجل الوزن أو لغة؟ لغة، هذه قاعدة مطردة، والنِدا نقول بالقصر، حينئذٍ قصره، هل هو لغة أم من أجل الوزن؟ نقول: من أجل اللغة، يعني: كل ما جاز فيه وجهان وهما لغتان فحينئذٍ حمله على إحدى اللغات أولى من حمله على الضرورة.

فعلم أن لغاته أربع، وأن القصر في عبارة الناظم ليس للضرورة بل على لغة، لكن المكسور الممدود مصدر قياسي وغيره سماعي .. نِداء فِعال، هذا مصدر قياسي، وغيره سماعي، وقيل: المضموم اسم لا مصدر، النُدا والنُداء –نُداء- فعال، قيل: هذا سماعي لا قياسي، قيل: هذا اسم لا مصدر.

والندا المراد به كما ذكرنا: الدعاء، وهل هو مطلق الدعاء، أم دعاء خاص؟ نقول: المراد به دعاء خاص؛ لأنه مصطلح خاص بالنحاة، حينئذٍ لا بد من حقيقة عرفية تختص بهذا الفن وأهل الفن، وهو أي: الندا: الدعاء بياء أو إحدى أخواتها، هذا سيأتي باب خاص به.

وياءُ النداء، هي أم الباب هي الأصل، ولذلك ينادى بها مذكورة ملفوظاً بها ومحذوفة:

وحَذفُ يَا يجوزُ في النّدَاءِ ... كَقَولِهم ربِّ استجِبْ دُعائي

((رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا)) [آل عمران:٨] ربنا، يعني: يا ربنا، أين يا؟ نقول: حذفت، وهذا كثير في القرآن، إذاً: الدعاء بيا أو إحدى أخواتها، أي: طلب إقبال مدخول الأداة بها، طلب؛ لأن الدعاء هو الطلب، إقبال مدخول الأداة بها، يا زيد .. يا: حرف ندا، زيد: هذا مطلوب إقباله بيا، أليس كذلك؟ هو منادى.

حينئذٍ من خواص الاسم أن تكون الكلمة مناداةً، بمعنى: أنه قد سبقها حرف من أحرف الندا، وقصد به أن يكون منادى، ونقيد بهذا لماذا؟ لأنه قد توجد ياء الندا، ولا يليها الاسم، بل يليها الحرف ويليها الفعل، حينئذٍ كما ذكرنا اليوم: أن العلامة إذا وجد بعدها ما ليس من خاصتها بطلت، كأل الموصولة، إذا قلنا: هي من خواص الأسماء حينئذٍ كيف دخلت على الفعل: ما أنت بالحكم الترضا؟ هذا إبطال لتخصيصها بالاسم، فنقض كونها علامة.

هنا يا، إذا قلنا: يا، مطلق وجود يا، علامةً على الاسمية حينئذٍ يا ربتما .. يا رب كاسية .. ((يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)) [يس:٢٦] .. ((يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ)) [الأنعام:٢٧] ((ألا يا اسجدوا)) .. تلا يا: حرف ((يَا لَيْتَ قَوْمِي)) [يس:٢٦] ليت: حرف بالإجماع، وقد وقع بعد يا النداء، حينئذٍ إذا كانت العلامة كلما وجد حرف الندا يا وجد ما بعده اسم، حينئذٍ حكمنا على ليت: بأنها اسم.