للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما كان البناء فيه عارضاً، إذا ضمن معنى الحرف لا يكون موجباً للبناء، وإنما تضمينه معنى الحرف يكون موجباً ومقتضياً للبناء إذا كان البناء فيه لازماً، ولذلك العلل الأربعة السابقة قلنا تلك يُعَلَّل بها المبني اللازم واجب البناء، مطرد في كل لفظ، وأما هنا لا، ليس مطرداً، نحن نقول: أزمن زمان، زمان هذا في كل تركيب يكون زمان مضمن معنى (في)؟ لا، ألا تقول: هذا زمن مبارك، زمن صار خبراً، صمت يوماً، يوماً قلنا: هذا يخرج عن الظرفية، يكون مبتدأ إلى آخره إذا كان مبتدأ هل هو مضمن معنى الحرف؟ ليس مضمناً معنى الحرف، إذاً ما كان بناؤه لازماً وضمن معنى الحرف، صار تضمينُ الحرف له هو علة البناء، وما كان مضمناً لمعنى الحرف في وقت دون وقت، حينئذٍ لا نقول: هذا موجب للبناء، لا، فلا يعارض بين هذا وبين ما سبق، ما كان مضمناً معنى الحرف موجباً للبناء هو البناء اللازم، وأما ما كان مضمناً معنى الحرف في وقت دون وقت كظرف الزمان واسم الزمان، نقول: هذا ليس موجباً للبناء.

لأن المعنى امكث في هذا الموضع في أزمن، نقول: لا يقتضي البناء، إذ المراد أن يكون الحرف منظوراً إليه، لكن الأصل في الوضع ظهوره، هذا تعليل الأشموني، واحترز بقوله: ضمن معنى (في) مما لم يتضمن من أسماء الزمان أو المكان معنى (في)، كما إذا جعل اسم الزمان أو المكان مبتدأً أو خبراً نحو: يوم الجمعة يوم مبارك، يوم مبتدأ، ويوم الثاني خبر، ويوم عرفة يوم مبارك، والدار لزيد، فإنه لا يسمى ظرفاً والحالة هذه، ((وَاتَّقُوا ؤ تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)) [البقرة:٢٨١] يَوْمًا، كذلك ((اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) [الأنعام:١٢٤] حَيْثُ، فإنهما ليس على معنى (في) وانتصابهما على المفعول به، وناصب حَيْثُ يعلم محذوفاً، لأن اسم التفضيل لا ينصب –بالإجماع-، قيل بالإجماع ونوزع فيه، وبمعنى في دون لفظها نحو: سرت في يوم الجمعة، وكذلك ما وقع منهما مجروراً: سرت في يوم الجمعة، وجلست في الدار إذا نطق بها، خرج عن كونه ظرفاً على الصحيح، على أن في هذا ونحوه خلافاً في تسميته ظرفاً في الاصطلاح، والصواب أن الظرف يكون منصوباً، عند، قبل، تحت .. إلى آخره، وإذا خرج عن النصب خرج عن الظرفية، وإذا صرح بـ (في) حينئذٍ صار اسماً مجروراً، تقول: في حرف جر ويوم اسم مجرور بـ (في) والجار والمجرور متعلق بكذا، تعربه كـ لزيدٍ، للدار، ولا تقول: هذا ظرف، وكذلك ما نصب منهما مفعولاً به: بنيت الدار، وشهدت يوم الجمل، وهذا لا يسمى ظرفاً، كذلك لو كان على معنى (في) ولم يكن ما بعده اسم زمان ولا اسم مكان، ((وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ)) [النساء:١٢٧] (في)، إذا كان على معنى (في) يعني: في نكاحهن، النكاح ليس اسم زمان ولا اسم مكان، واحترز بقوله: بِاطِّرَادٍ ما ذكرناه سابقاً بأنه يتعدى إليه سائر الأفعال مع بقاء تضمنه لذلك الحرف.