للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: يا هذه اسلمي، إذاً: المقصود من هذا أنه إذا وجد حرف الندا داخلاً على غير اسم لا بد من التأويل وتخريج هذا المثال على ما يوافق أحد الوجهين ولا نرجح بينهما؛ لأن يا حرف تنبيه، وألا حرف تنبيه، وكل منهما لا يختص بالاسم، بل يدخل على الحرف والفعل.

وحذف المنادى جائز كما يأتي في محله.

بالجر والتنوين والندا وأل .. الندا: من علامات الأسماء، وله وجه آخر وإن لم يكن ظاهراً، وهو أن المنادى في الأصل مفعول به، والمفعول به من خواص الأسماء، من علامات الأسماء أن يقع مفعولاً به، فإذا وقعت الكلمة مفعولاً به، حكمت عليها بأنها اسم، لماذا؟ لأن الفعل لا يقع مفعولاً به، والحرف لا يقع مفعولاً به، فإذا قلت: ضرب زيد عمرواً، فعمرواً نقول: هذه الكلمة اسم، ووجه كونها اسماً دخول التنوين، وكونه علماً، وكونه مفعولاً به، فنجعل المفعولية من علامة الأسماء، وهذا الذي معنا يا زيد، زيد نقول: هذا اسم بدليل دخول يا الندا فهو منادى، ثم هو مفعول به في الأصل؛ لأن أصل: يا زيد، أدعو زيداً أو أنادي زيداً، وزيداً هذا مفعول به.

إذاً: يا زيد، فرع أم أصل؟ فرع، ولذلك رد على من قال: إن الاسم يتركب، أو إن الكلام يتركب من حرف واسم، يا زيد، حصلت الفائدة التامة أو لا؟ حصلت الفائدة التامة الكلامية، إذاً حصلت الفائدة الكلامية من قولنا: يا زيد، هل نحكم على يا زيد أنه كلام مركب؟ نعم، أين المسند والمسند إليه؟ ليس عندنا مسند ومسند إليه، ليس ثم إسناد باعتبار اللفظ نفسه، يا زيد .. يا: حرف، والحرف لا يقع مسنداً ولا مسنداً إليه، وزيد: هذا أصله مفعول به، والمفعول به ليس مسنداً ولا مسنداً إليه، إذاً: ليس في الكلام التركيب –إسناد-، هل ننفي عنه كونه كلاماً وهو يقع في فصيح الكلام؟

الجواب: أن الكلام لا يتركب من اسم وحرف، وما وجد في النداء خاصةً إنما حكم عليه بأنه كلام باعتبار الأصل، وهو أنه جملة فعلية: أدعو زيداً، والذي يدل على هذا: أن قولنا: يا زيد، زيد: منادى مبني على الضم في محل نصب، والنصب الذي هو محل زيد قطعاً على القول الصحيح أن يا لا دخل لها فيه، يعني: لم تحدث يا النصب، يا لا تعمل، أليس كذلك؟ يا غير عاملة لا النصب ولا غيره.

إذاً: من أين جاء محل النصب؟ نحن نقول: في محل نصب، هكذا نعربه، من أين جاء؟ هل من: يا؟ لا، إذاً: باعتبار الأصل هو مفعول به، إذاً: رائحة المفعولية باقية أم زالت؟ باقية، إذاً: يا زيد له جهتان: من جهة إثبات كونه اسماً، كونه منادى، وكونه مفعولاً به في الأصل، فالتركيب حينئذٍ باعتبار أصله جملة فعلية، فرد على من زعم أن الكلام يتركب من حرف واسم أن: يا زيد، فرع لا أصل، والاعتبار في التقعيد والتأصيل هو بالأصول لا بالفروع.

إذاً: الحاصل أن يا زيد، نقول: هذا علم زيد اسم، بدليل دخول يا عليه، ثم هو مفعول به في الأصل، وهذا الأصل لم يهجر بالكلية لم يترك، لم يجعل نسياً منسياً بدليل ماذا؟ بقاء محل زيد على النصب وهو الأصل فيه.