للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهذَيْنِ انْتُخِبْ، صرح به، وهذا محتمل، فكيف نقول: هذا ليس على مذهب البصريين؟ فإن مذهبهم أنه مشتق من المصدر لا من الفعل، الصواب أن كلامه فيه احتمال نعم لكن مُفسَّر بما سبق، يعني: الاحتمال الوارد بقوله: وَمَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ لا نجعله مخالفاً لما ذهب أولاً، بل ما ذهب إليه أولاً هو المحكم، وهذا متشابه، فنحمل المتشابه على المحكم، فنقدر له مضاف هنا من مادة الفعل.

إذا تقرر أن المكان المختص وهو ما له أقطار تحويه لا ينتصب ظرفاً فاعلم أنه سُمِعَ نصب كل مكان مختص مع دخل وسكن، مع فعلين: دخل وسكن، ونصب الشام مع ذهب، دخلت البيت وسكنت الدار وذهبت الشام، واختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب ذكرناها في السابق، وزاد بعضهم مذهباً رابعاً، الصواب منها أنها منصوبة على المفعول كما قال ابن مالك -رحمه الله تعالى-: مفعول به بنزع الخافض، ولا إشكال فيه.

إذاً وَكُلُّ وَقْتٍ قَابِلٌ ذَاكَ، يعني: ينصب على الظرفية، اسم الزمان بنوعيه المختص والمبهم، وَمَا يَقْبَلُهُ الْمَكَانُ إلا مُبْهَمَا وما صيغ من الفعل فهو شيئان، والجهات والمقادير، نقول: الجهات هذا مبهم حقيقةً، والمقادير هذا مبهم حكماً، وَمَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ نقول: هذا قد يكون مبهماً وقد يكون مختصاً، وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مقِيساً أن يكون موافقاً للعامل فيه.

بقي مسألة وهي متى نقول: مَفعَل -يعني اسم الزمان واسم المكان-؟ هذه مبحثها في فن الصرف، لكن نذكرها باختصار تتميماً للباب، اسم الزمان والمكان من الثلاثي على وزن مَفعَل، وقد يأتي على وزن مَفعِل، متى يكون على وزن مَفعَل بفتح الميم وإسكان الفاء وفتح العين مَفعَل، إن كان المضارع مضموم العين أو مفتوحها، متى يكون مضموم العين؟ إذا كان ماضيه فَعَل أو فَعِل؛ لأن فَعَل يأتي منه المضارع على ثلاثة أنواع: فَعَل يَفعَل، وفَعَل يَفعِل وفَعَل يَفعُل، وفَعِل يأتي منه المضارع على اثنين فَعَل يَفعِل، هذا على خلاف القياس وفَعِل يَفعَل بالفتح، ولم يرد فَعِل يَفعُل، وفَضِل يَفضُل شاذ، أو من تداخل اللغتين، وفَعُل لم يسمع فيه إلا يَفعُل، فَعُل يَفعُل، ولم يسمع فيه فَعُل يَفعِل، ولا فَعُل يَفعَل، وما سمع من ذلك فهو شاذ، رحبتك الدار.

إذاً نقول: إن كان المضارع مضموم العين، وهذا فيما إذا كان ماضيه فعُل أو فعَل، هل مضموم العين يأتي من فَعِل؟ مضموم العين يَفعُل ليس له إلا ماضيان،: فعَل وفعُل فقط، ليس له إلا ماضيان، ولذلك قد يستدل بالمضارع على الماضي كما ذكرناه في كان، قلنا: كان هذا محتمل أنه كَوَن، كَوِن كَوُن، يحتمل؛ لأن الألف هذه منقلبة عن واو، طيب كيف نستدل كيف نصحح كيف نعرف؟ ننظر في المضارع، فحينئذٍ المضارع يَكُونُ أصله يَكْوُنُ: يفعُل، إذاً يفعُل ليس من باب فَعِل، إذاً يمتنع أن يكون كان كَوِن، سقط، بقي كَوَن أو كَوُن، فَعَل يَفعُل هذا يكون في اللازم الذي يدل على السجايا والأفعال الطبيعية الخلقية، وليس كان منها، بل قيل: أنها لا تدل على حدث أصلاً، إذاً سقط فعُل كوُن، بقي بقي كوَن، فنستدل بالمضارع على حركة عين الماضي.