للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا تعريف واضح بين، ابن مالك في بعض الأبيات قراءتها شرحها، فحينئذٍ نمرها.

وَمَا يُرَى: والذي هذا مبتدأ، يُرَى مغير الصيغة، ظَرْفاً مفعول ثاني لـ يُرَى، يُرَى ظَرْفاً وَغَيْرَ ظَرْفِ، فَذَاكَ (الفاء) هذه ما نوعها؟ هذه مراراً وقفنا معها، المبتدأ إذا كان صيغة عموم أو فيه معنى العموم، حسُن أن يدخل في المبتدأ الفاء تشبيهاً له بالشرط، الذي يأتيني فله درهم، (الفاء) هذه رابطة، رابطة للخبر بالمبتدأ، لما في المبتدأ من معنى عموم، إما أن يكون لفظه لفظ عموم ككل والذي، وإما أن يكون فيه معنى العموم، وهنا (مَا) اسم موصول بمعنى الذي، فهي من صيغ العموم، لاشك، حينئذٍ وقوع (الفاء) في جوابها، استحساناً، جوازاً لا وجوباً، وأما وقوعها في الشرط على التفصيل فهذا واجب.

وَمَا يُرَى ظَرْفاً: ظَرْفاً هذا مفعول ثاني، وَغَيْرَ ظَرْفِ، مَا يُرَى ظَرْفاً وما يرى من أسماء الزمان والمكان ظرفاً تارة وغير ظرف أخرى، هكذا حل البيت، وما يرى من أسماء الزمان والمكان ظرفاً تارة وغير ظرف أخرى؛ لأنه لا يرى ظرفاً وغير ظرف في وقت واحد، (الواو) تدل على مطلق الجمع، فلو كنا ظاهرية وقفنا مع النص، لقلنا: وما يرى ظرفاً وغير ظرف في وقت واحد، نقول: لا، ليس هذا المراد، بل لا بد من فك الجهتين؛ لأنه يمتنع أن يكون ظرفاً وغير ظرف في وقت واحد، كيف يكون ظرفاً على معنى فِي بِاطِّرَادٍ ثم لا يكون ظرفاً لا على معنى في؟ تناقض، فلا بد من فك الجهة.

وَمَا يُرَى ظَرْفاً تارة وَغَيْرَ ظَرْفٍ أخرى، فَذَاكَ الفاء رابطة للخبر بالمبتدأ، فَذَاكَ أي الذي يكون ظرفاً وغير ظرف بالاعتبار السابق مبتدأ ثاني، ذُو يعني صاحب، تَصَرُّفٍ هذا خبر المبتدأ الثاني، والجملة المبتدأ والخبر في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وهو (مَا).

فِي الْعُرْفِ ما أعرابه؟ تصرف في العرف متعلق به، إذا أشكل عليك انظر في ما يتمم المعنى، لو قيل: فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي الْعُرْفِ، فذاك في العرف ذو تصرف، فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي الْعُرْفِ، يحتمل هذا وذاك؛ لأن اسم الإشارة يكون متعلقاً للجار والمجرور والظرف، وتصرف هذا تفعل مصدر، وهو كذلك يكون متعلقاً للجار والمجرور، هذا جائز وهذا جائز، لكن تعليقه بالتصرف هو أولى.

فِي الْعُرْفِ، يعني: عرف النحاة كيوم ومكان، يوم هذا نقول: متصرف، ومكان هذا كذلك نقول: متصرف، تقول: سرت يوماً، وجلست مكاناً، هذا منصوب على الظرفية الزمانية والمكانية، ويستعمل مبتدأ، يومُ الجمعة يومٌ مبارك، ومكانُك حسنٌ، رفع بالابتداء، إذاً صار مبتدأً، وجاء فاعلاً، جاء يومُ الجمعة، وارتفع مكانُك، إذاً تبدل باعتبار المحال، فلما خرج عن الظرفية إلى الابتداء والفاعل .. إلى آخره، حينئذٍ حكمنا عليه بأنه متصرف.