للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدليل على أنها حرف ذكره السيوطي رحمه الله في جمع الجوامع، قولنا: قد أفلح المتقي ربه، المتقي، يعني: الذي اتقى ربه، المتقي .. متقي: هذا اسم فاعل دخلت: عليه أل، فعملت .. متقي هو، أليس كذلك؟ المتقي هو، الضمير هنا يعود على من؟ قد أفلح نأخذها من البداية .. قد: حرف، أفلح: هذا فعل ماضي يطلب فاعلاً، أين الفاعل؟ المتقي، إذاً: المتقي هذا فاعل أفلح، والمتقي هذا يرفع وينصب، يرفع فاعلاً وينصب مفعولاً به، أين الفاعل هنا؟ ضمير مستتر، تقديره: هو، ضمير يعود على أي شيء؟ على أل في المتقي، وعود الضمير على الكلمة يدل على اسميتها.

ربه: هذا مفعول به وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه، أين مرجع الضمير؟ أل أيضاً، إذاً: عود الضمير على أل في المتقي نقول: هذا يدل على اسميتها، وهذا واضح بَيِّن، لأن متقي: هذا وصف،

وَصِفَةٌ صَريِحَةٌ صِلَةُ أَلْ، أل: الموصولة لا يليها إلا اسم فاعل، أو اسم مفعول، وعلى خلاف في الصفة المشبهة، وسيأتي في محله.

إذاً: الموصولة اسم وليست بحرف، فقوله: أل، هذا يشمل النوعين، يصير لفظاً مشتركاً في الدلالة على الاسمية وعلى الحرفية، لكن الحرفية باعتبار المسمى؛ لأننا قررنا: أن أل هنا في هذا النظم .. (والندا وأل)، أنه يعتبر اسماً، إذاً: الموصولة نقول: اسمية.

وإذا دخلت على النكرة حينئذٍ نقول: صار علماً، متقي .. متقي، دخلت عليه: أل، صار معرفةً .. ليس صار معرفةً، دل على أن مدخولها يعتبر اسماً، لأن أل الموصولة خاصة بالأسماء، أو موصولة على قول الجمهور باختصاصها بالاسم، وأن دخولها على الفعل ضرورة، إذا سمع من كلام العرب إدخال أل الموصولة على الفعل، إن جعل لغةً ولو لم يكن فصيحاً، حينئذٍ نرجع إلى العلامة بالنقض والإبطال، وهذا رأي ابن مالك رحمه الله تعالى.

ولذلك لا يقصد بها هنا: أل الموصولة؛ لأنه قال في باب الموصول:

وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ ألْ ... وَكَوْنُهَا بِمُعْرَبِ الأَفْعَالِ قَلَّ

يعني: قل دخولها على معرب الأفعال وهو الفعل المضارع، إذاً: قليل، وإذا عبر عن الشيء بأنه قليل دل على أنه جائز الاستعمال، وإن لم يكن فصيحاً، فالقلة قد تنافي الفصاحة، لكنها لا تنافي الجواز فيجوز استعماله مطلقاً نثراً وشعراً، والصحيح أن يقال: بأن دخول أل على الفعل المضارع لا يجوز إلا شعراً، وحينئذٍ إما أن يقال: بأنه ضرورة كما قال ابن هشام في الأوضح، أو يقال: بأنه شاذ كما قال الأشموني في شرح الألفية.

وعلى القولين: ضرورة أو شاذ، لا يجوز استعماله في النثر البتة، فقوله: ما أنت بالحكم الترضى، نقول: هذا شاذ أو ضرورة، وعليه لا يجوز استعماله في سعة الكلام.

وأما أل الاستفهامية التي يقال فيها: بأنها من خواص الفعل الماضي: أل فعلت كذا؟ يعني: هل فعلت كذا؟ هذه هل يشملها قوله: أل؟ نقول: لا يشملها، لماذا؟ لأن هذه أل الاستفهامية نادرة، وإذا كان الشيء نادراً نقول: النادر لا حكم له، إذاً: لا يعترض على المصنف بأن أل الاستفهامية ليست من خواص الأسماء، بل هي من خواص الفعل الماضي، أل فعلت كذا، يعني: هل فعلت كذا؟ لا يرد على الناظم بهذا الاعتراض.