إذن: الجر بحاشا هو الكثير الراجح هكذا قال الأشموني: الجر بحاشا هو الكثير الراجح، ولذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها، ولم يجيزوا النصب، والصحيح جوازه لسماعه، وذهب الفراء إلى أنها فعلٌ، لكن لا فاعل له، والنصب بعده إنما هو بالحمل على إلا، فيكون منصوباً بالاستثناء، إذا قيل: جاء القوم حاشا زيداً، قال حاشا فعلٌ لا فاعل له، لماذا نُصب بعدها؟ قال: حملاً على إلا الاستثنائية، ولم يُنقل عنه ذلك في خلا وعدا، ويحتمل أنه يقول بذلك في خلا وعدا أيضاً، لكنه لم ينقل عنه.
إذن: المشهور أن حاشا لا تكون إلا حرف جرٍ، فتقول: قام القوم حاشا زيدٍ، بجر زيد، وذهب الأخفش والجرمي والمازني والمبرد وجماعة منهم المصنف إلى أنها مثلُ خلا تُستعمل فعلاً، فتنصب ما بعدها، وحرفاً فتجر ما بعدها، فتقول: قام القوم حاشا زيداً وحاشا زيدٍ، وحكى جماعة منهم الفراء وأبو زيد الأنصاري والشيباني النصبَ بها، ومنه قول الشاعر:(حَاشَا قَريْشاً) نصب بها، حَاشَا قَريْشاً صارت حاشا فعلاً ماضي والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره هو؛ يعود على المفهوم، يعني هذا لا بد من النظر في البيت السابق: حَاشَا قَريْشاً.
وقول المصنف: وَلاَ تَصْحَبُ مَا، معناهُ أن حاشا مثل خلا في أنها تنصب ما بعدها أو تجره، ولكن لا يتقدَّمُ عليها ما، كما تتقدَّم على خلا، فلا تقول: قام القوم ما حاشا زيداً، وهذا الذي ذكره هو الكثير وقد صحبتها ما قليلاً، جاء في الحديث:{إليّ ما حاشا فاطمة}، لكن قيل هذه ما نافية وحاشا هنا استثنائية، ليست حرفاً وإنما هي فعل، وسيأتي في أقسامها وقوله:
يقال في حاشا: حاشا وحشى، حَاشَا تأتي في اللغة على ثلاثة أوجه:
الأول: أن تكون استثنائية، وهي التي قدم الكلام عليها، وهذه حرف، أو فعلٌ على ما ذكره الناظم، وحرفٌ فقط على مذهب سيبويه، الوجه الأول أن تكون استثنائية.
الثاني: أن تكون تنزيهية نحو: ((حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ))، وليست حرفاً، أي مدلولاً بها على تنزيه ما بعدها من السوء، وليست حرفاً، قال في التسهيل: ليست حرفاً بلا خلاف بل هي فعلٌ، ورُدّ بأن المبرد وابن جني والكوفيين على أنها فعل. إذن قال حرفٌ بلا خلاف؛ حكى الإجماع .. القول بحرفيتها، ولكن مذهب الكوفيين أنها فعل، والصحيح أنها اسمٌ مرادفٌ للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بدلاً من اللفظ بالفعل، بدليل قراءة ابن مسعود: حاشا اللهِ .. بالإضافة، حَاشَ لِلَّهِ استعملها استعمال معاذ الله وسبحان الله، إذن بالإضافة، وقراءة بعضهم حاشاً لله بالتنوين أي تنزيهاً لله كما يقال: رعياً لزيدٍ، ومَن تركَ التنوين فهي مبنية عنده لشبهها بحاشا الحرفية لفظاً ومعنى، هذا النوع الثاني وهي حاشا التنزيهية، قيل: فعل، وقيل: حرف، والصواب أنها اسمٌ مثل سبحان الله ومعاذ الله، ويدل عليها قراءة ابن مسعود: حاشا الله بالإضافة، دلّ على أنه عاملها معاملة سبحان الله ومعاذ الله.