تكون الحال على أربعة أنحاء، ذكر في هذا البيت شيئين الأول: كَوْنُهُ مُنْتَقِلاً، والثاني كَوْنُهُ مُشْتَقَّا، والمراد بالانتقال هنا أن لا تكون الحال ملازمة للمتصف بها، يعني يفارقها ولا تلازمه في كل وقت، بل ينفك عنها، تقول جاء زيدٌ راكباً, راكباً هذا وصف لزيد في المعنى، وهو حال منه، زيد كل اليوم وكل السنين وهو راكب؟ أو يكون في وقت راكب وفي وقت ماشٍ؟ وفي وقت مُضطجع مُستلقٍ؟ إذن اختلفت وانفكت عنه الحال، هذا الأصل في الحال أن تكون منتقلة، فإن جاءت لازمة فهو خلاف الأصل، مُشْتَقَّا يعني من المصدر على ما ذكرناه، إما اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة وأفعل تفضيل أو أمثلة مبالغة، إن جاء جامداً حينئذٍ نقول هذا على خلاف الأصل.
وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً: يعني منتقلاً عن صاحبه غير لازم له ليست بثابتة، الحال ليست كالصفة المشبهة، الصفة المشبهة تدل على الثبوت، وأما الحال فلا.
وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً مُشْتَقَّا: مُشْتَقَّا هذا خبر بعد خبر، كَوْنُهُ الضمير هنا يعود على الحال، كونه وهو اسم كون وهو مبتدأ، حينئذٍ يحتاج إلى خبرين: خبر الكون في نفسه وخبر المبتدأ .. أين خبر الكون؟ مُنْتَقِلاً هذا خبر الكون؛ خبر أول، مُشْتَقَّا خبر ثاني، هذا على جواز تعدد خبر الكون، وإلا إن لم يصح أن يتعدد حينئذٍ لا بد من تخريجه بأن يُجعل الحال متداخلاً، يعني الثاني يكون حالاً من فاعل مُنْتَقِلاً، وأين خبر الكون مبتدأ؟ يَغْلِبُ الجملة خبر.
قال: الأكثر في الحال أن تكون منتقِلة مشتقّة، ومعنى الانتقال أن لا تكون ملازمة للمتصف بها؛ نحو جاء زيد راكباً، فراكباً وصف منتقل لجواز انفكاكه عن زيد، بأن يجي ماشياً، وقد تجيء الحال غير منتقلة يعني وصفاً لازماً، "دعوتُ الله سميعاً" سميعاً: صفة لازمة لله عز وجل، لا يكون في حالٍ سميع وفي حالٍ ليس بسميع، نقول: لا هذه صفة لازمة.
وكذلك خلقَ الله الزرافة يديها أطولَ من رجليها، هذه لازمة .. يديها أطول من رجليها .. في الصباح يديها أطول وفي المساء عكس؟ لا هذه صفة لازمة ولذلك قال: