للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن: ما عدا ما ذكره من المضارع المثبت على كلامه وأجراهُ على ظاهره ابن عقيل أنه يُخيَّر بين ربطها بالواو فقط أو بالضمير فقط أو بهما فقط, والصوابُ أنه يُستثنى المسائل الست, ويُقال بأن الناظم إنما عَمّم لأن الأكثر .. كما رأيتَ من الأمثلة .. الأكثر الكثير جداً في لسان العرب أنت مُخيَّر بين هذه الروابط. حينئذٍ عامل الأكثر مُعاملة الكل؛ كأنه لم يعتبرها, ثم يُقال أيضاً في هذا المقام أن مذهب البصريين إلا الأخفش لزوم (قد) مع الماضي المثبت, الماضي المثبت يلزمُ أن تتصل به (قد)؛ لماذا؟ لأن (قد) هذه تُقرِّب الماضي إلى الحال كما ذكرناه سابقاً, قامَ زيد هذا في الزمن البعيد يحتملُ قبل سنة سنتين عشر قام زيد, لكن إذا أردتَ الزمن القريب تأتي بـ (قد) فإذا أردتَ البعيد وجئتَ بـ (قد) أخطأتَ, إذا أردتَ البعيد وجئتَ بـ (قد) حينئذٍ أخطأتَ, وإذا أردتَ القريب وتركتَ (قد) أخطأت, لكن من يدري عن هذا الخطأ؟ قامَ زيد هذا في الزمن البعيد, الزمن القريب: قد قام زيد, ولذلك تقول: قد قامت الصلاة, يعني قرُبَ زمنُها, قامت الصلاة معناها أُقيمت في السابق, لما كان الحال الأصل فيها أن تكون مقارنة لصاحبها تقول: جاء زيد، أنت تخبرُ عن زيد بشيء يقعُ معه أو شيء وقعَ في الزمن البعيد, إذا قلت: جاء زيد وقد قام أبوه, إذا قلتَ: جاء زيد الآن تخبِرُ عن مجيء زيد, هل تصفُه بوصفٍ وقعَ في زمن ماضي بعيد أم في زمن قريب من الحال من أجل أن تقرب الجملة الماضوية إلى الحالية التي هي الفعل المضارع؟ لا شكّ أنه الثاني, ولذلك ألزمَ بعضُهم إدخال (قد) على الفعل الماضي. مذهبُ البصريين إلا الأخفش لزومُ (قد) مع الماضي المثبت مُطلقاً ظاهرة أو مقدرة, إن لُفِظَ بها فلا إشكال, إن لم يُلفظ بها لا بد من التقدير, ولذلك ترى المُعربين في التفسير هناك يقولون على تقدير (قد) دائماً, إذا جاءت الجملة الماضوية في الإثبات بالواو فقط حينئذٍ يقولون: على تقدير (قد) , جاء زيد وقام عمرو .. وقد قامَ عمرو يُقدَّرُ (قد) لماذا؟ لأنه فعلٌ ماضي مُثبت، والأصلُ فيه أن يُوصَف به صاحب الحال في الزمن القريب, وهذا الذي يُقرِّبُه لنا هو (قد) على جهة الخصوص, سواء رُبِط بالواو أو بالضمير أو بهما مُطلقاً؛ يعني بدون تفصيل بدون نظر إلى الرابط, متى ما جيءَ بالفعل الماضي المثبت حينئذٍ لا بُدّ من تقدير (قد)؛ إن لُفِظ بها فلا إشكال, وسواء ربط بالواو أو بالضمير أو بهما.

والمختار وِفاقاًَ للكوفيين والأخفش لزومُها مع المرتبِط بالواو فقط؛ لأنه هو الكثير في لسان العرب, وما عداهُ هو جوازُ إثباتِها وحذفِها في المرتبط بالضمير وحدَه أو بهما معاً.

مذهبُ البصريين أنه يؤتى بـ (قد) مطلقاً؛ سواء كان الضمير وحدَه أو الواو وحده أو بهما معاً, مذهبُ الكوفيين وهو الموافق للمنقول أنه يُفصل فيها لزومها مع المرتبط بالواو فقط, إذا جاءت بالواو لزِمَ أن يُؤتى بـ (قد) إن لُفِظ بها فلا إشكال, إن لم يُلفظ حينئذٍ وجبَ تقديرُها، وجواز إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معاً.