للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن: لها محلان؛ محلٌّ هو ابتداء, ومحلّ هو الخفض، مثل: لعل الله, (لعل) أثرت في لفظ المبتدأ فجرّتهُ وبقي المحلّ على أصله هو مبتدأ. (لولا) مثلها. فالياءُ والكافُ والهاءُ عند سيبويه مجرورات بـ (لولا)؛ يعني: في المحلّ, ولما لم يظهر حينئذٍ صار له اعتبار محلّين, والضميرُ بعدَها في موضعِ رفع بالابتداء, والخبرُ محذوف، فيكونُ للضمير محلان على رأي سيبويه, فإذا عطفتَ على مدخول (لولا) اسماً ظاهراً تعيّنَ رفعه إجماعاً؛ لأنها لا تجرّ الظاهر, لولاي وزيدٌ؛ نقول: لولاي: الياء هذه لها موضع خفض بلولا؛ مثل لعل الله, إذا عطفتَ عليه اسماً ظاهراً قلت لولاي وزيدٌ, هل يصحّ العطفُ مراعاة لمحل الخفض لولاي وزيدٍ وزيدٌ, فيجوز فيه الوجهان كما هو شأن في رب؟ يصح أن تقول: (رب رجل كريمٍ وكريمٌ) , (رب رجل كريمٍ) هذا باعتبار اللفظ, و (رب رجل كريمٌ) هذا باعتبار المحل, هذا جائز في (رب) لأنها لا تدخل على الضمير في الأصل, و (رُبَّهُ فَتَى) هذا شاذ، حينئذٍ (رب رجل كريمٍ) كريمٍ جاز مراعاة المحل؛ حينئذٍ يُبدل منه على المحل.

وأما (لولاي وزيدٌ) نقول هذا لا يجوز, لماذا؟ لأنك عطفتَ اسماً ظاهراً على محلّ الضمير الذي خُفض بـ (لولا)، ولولا خاصة بالضمير ولا تجرّ الظاهر؛ لأنك إذا عطفت عليه بالخفض حينئذٍ أعملت (لولا) في الضمير, وأعملتَها في الاسم الظاهر, وهي لا تدخلُ على الاسم الظاهر, لولاي وزيدٍ، نقول معناه: كأنك قلت لولاي ولولا زيدٍ, وهذا ممنوع لا يجوز, وهذا محلّ إجماع، لأنها لا تجر الظاهر, هذا مذهب سيبويه أنها حرف جر, وما بعدَه وهو الضمير المتصل له محلان: الرفع على الابتداء, والخبر محذوف, وكذلك له محلّ وهو الخفض, ثم إذا عطفتَ على الضمير لا يجوزُ لك إلا الرفع.

وزعمَ الأخفش أنها في موضع رفع فقط بالابتداء, ووُضِع الضميرُ ضمير الجر موضعَ ضمير الرفع، وإن كان غالب نيابة الضمائر في الضمائر المنفصلة؛ فقد وُجدت المتصلة كما هي في (عساه وعساك وعساني) على قول؛ يعني: هنا جِيءَ بالضمير ضمير الجر موضع ضمير الرفع، والأصل أنه ما يأتي لكن هذا من باب الاستعارة, كما قيل في (عساه وعساك وعساني) , عسى على أنها باقية على أصلها؛ أنها تنصب؛ سبقَ أن ابن هشام عدّها من النواسخ, على هذا الباب سواء عددناها من النواسخ على أنه قياس مطرد، أو قلنا نصبُها للضمير المتصل شاذ على القولين استُعير الضمير المخفوض للمنصوب؛ لأن عساك عساه نقول هذا ما يأتي ضميراً منفصلاً؛ إنما هو متصل؛ حينئذٍ وضع الضمير ضمير الجر موضع ضمير الرفع؛ فلم تعمل لولا فيها شيئاً؛ كما لا تعمل في الظاهر؛ نحو: لولا زيد لأتيتك.

إذن: لا عمل له في المحل؛ وإنما عملها في الظاهر، وعلى هذا حينئذٍ لا تكون لولا حرف جر، وزعمَ المبرد أن هذا التركيب -يعني لولاك ونحوه- لم يرد في لسان العرب, لكنه محجوج بالسماع.

أَتُطمِعُ فِينَا مَنْ أَرَاقَ دِمَائَنَا ... وَلَولاَكَ لَمْ يَعْرِضْ لأَحسَابِنا حسن

كذاك:

وَكَمْ مَوْطِنٍ لَوْلاَيَ طِحْتَ كَمَا هَوَى ... بِأجْرَامِهِ مِنْ قُنَّةِ النِّيْقِ مُنْهَوِي

إذن: سُمع هذا اللفظ ولولاي ولولاك؛ حينئذٍ هو محتمل لما ذكره سييويه ومحتمل لما ذكره الأخفش.