للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إسناد: ليس المراد به الإسناد التام الذي يكون النسبة بين المسند والمسند إليه، وإنما المرادُ به مُطلَق الإسناد، وعُرِّف أيضاً الإضافة بقولهم: نسبةٌ تقييدة بين اسمين تُوجِب لثانيهما الجرَّ أبداً، نسبة تقييدية، والنسبة هذه تُطلَق ويُراد بها المعنى المفهوم من الجملة إثباتاً أو نفياً، يعني: مدلول الجملة، مدلول الجملة ما هو؟ قامَ زيدٌ: قيام زيدٌ: ثبوت قيام زيد، ما قام زيدٌ، مدلول الجملة هو نفيُ قيامِ زيد، هذه النسبة مِن أين أُخِذت؟ من إسنادِ الفعل إلى فاعله، أو المبتدأ إلى خبره، حينئذٍ نقولُ: هذه نسبةٌ تامّة، وهو الإسناد الكلي الأصلي الذي أُخِذ جِنساً في حدّ الكلام، نحن قلنا: يُشترَط في الكلام أن يكون مركباً، ما المراد بالتركيب؟ المرادُ به الإسناد، إثباتُ حكمٍ لاسم أو نفيُه عنه، حينئذٍ نقول: الإسناد ذاك ليسَ هو المراد هنا، ولذلك قال: نسبةٌ تقييدية، يعني: ليسَت نسبة تامة كليّة يُفهَم منها مدلول الجملة لا، وإنما هو تُقييدُ لفظٍ بلفظ، والنسبُ هذه في الأصل هي معاني عقلية، معاني في العقل في الذهن، وإنما تُوجَد في ألفاظ على جهة التنزيل، حينئذٍ إذا قيل: غلامُ زيدٍ، نقول: غلامُ، هذا الأصل أنه مُطلَق، وزيد الأصل أنه مُطلق، فإذا نسبتَ غلامَ إلى زيد قيّدته، والأصل أن لفظَ غلام هذا لا يختصُّ بزيد، ولا يختصُّ لا بذكر وبأنثى، ولا بزيد ولا بعمرو، فإذا قلت: غلام صارَ مُبهماً مُطلقاً نكرة شائعة في جنسه، فحينئذٍ إذا قلت: غلامُ زيدٍ على جهة الإضافة حصلَ تقييد، ما هو هذا التقييد؟ ارتباطُ غلام بزيد هذا المراد به النسبة هنا: ارتباطُ اسمٍ باسمٍ، ولذلك قال: نسبة تقييدية بين اسمين، على جهةِ ماذا؟ على جهة أن الأول مُضاف إلى الثاني، لا على أنه حكمٌ محكومٌ به على الثاني لا؛ لأن هذا شأن المبتدأ مع الخبر والخبر مع المبتدأ، وأما الغلام وزيد فلا، وإن كان بينهما نسبة، إذن: النسبة التي هي الارتباط المعنوي بين كلمتين، هذه قد تكون نسبة أساسية، نسبة كُلّية، وهذه مأخوذة في حدِّ الكلام، ما عداها فهي نسبة تقييدية ليست كليّة، وهذه تكون بين الموصوف وصفته والمضاف والمضاف إليه، والبدل والمبدل منه .. كلّ اسمين لهما ارتباط بعضهما ببعض حينئذٍ نقولُ هذه نسبة، لماذا؟ لأنه لا يُوصَف الشيء بالشيء إلا إذا كان بينهما ارتباط، ولا يُضافُ الشيء إلى الشيء إذا كان بينهما ارتباط، ولا يُبدَل الشيء من الشيء إلا إذا كان بينَهما ارتباط، ولا يُعطَف الشيء على الشيء إلا إذا كان بينهما ارتباط، الارتباطُ هذا هو النسبة، المعنى الذي جعلَكَ تربطُ هذا بذاك نقول هذا نسبة، ويُسمّى حكماً، ويُسمّى إسناداً، حينئذٍ إذا كان بين مبتدأ وخبر فهو نسبة كلية، وإذا كان بين فعلٍ وفاعل فهو نسبة كلية، وإذا كان بينَ مُضاف ومُضاف إليه ونعت ومنعوته، وبدل ومُبدَل منه، حينئذٍ نقول: هذه نسبة قاصِرة ليست تامة.