للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما الأكثرية فهذا مبحث بياني يتعرض له البيانيون, لكن إضافة حيثُ إلى الفعلية أكثر ولذلك ترجّحَ النصب في نحو: (جلست حيث زيداً أراه) , يجوز (حيثُ زيد أراه) , والنصبُ أرجح، يجوز الوجهان من باب الاشتغال, يجوز (زيد أراه) , (جلست حيثُ زيدٌ أراه) , يجوز الوجهان, لكن لما كانت (حيثُ) دخولاً أكثر على الجملة الفعلية صارَ النصبُ أرجح هنا, فتقول: (جلست حيثُ زيداً -بالنصب- أراه) يعني: (حيثُ أرى زيداً) فأخرجت الجملة الاسمية عن كونها اسمية لتكون فعلية مع جواز إضافة (حيث) للاسمية ليكون موافقاً للأرجح والأكثر في لسان العربن (جلست حيث زيداً أراه).

قال في الهمع: وتقبحُ إضافة (إذ) إلى اسمية عجزُها فعل ماضٍ, عجزُها يعني خبرها فعل ماضي، (إذ) إذا أضفتها إلى جملة اسمية فالأحسنُ أن لا يكونَ الخبر فعلاً ماضياً, بل يكون اسماً مُفرداً فتكون الجملة اسمية مطلقاً في الجزأين, أو يكون فعلاً مضارعاً.

وأما الماضي قال: يقبحُ نصَّ عليه السيوطي في همع الهوامع, ووجهُ قبحِهِ أن (إذ) لما مَضى, وهذا واضح, والفعل الماضي مُناسِب لها في الزمان, وهما في جملة واحدة, فلم يحسُن الفصل بينهما يعني لا يحسُن أن نفصِل بينَ (إذ) التي للماضي والفعل الذي للماضي, بل الأولى أن يليَ الفعل الماضي (إذ) فتقول: (إذ قام زيدٌ) , أما (إذ زيدٌ قام) قال: هذا جائز, لكنه قبيح لأن (إذ) للماضي وقام للماضي.

إذن: اتفقا فالمناسبة أن يتلو الماضي (إذ) .. هذا المناسب, وأما فصلُهُ بالاسم هذا فيه قبحٌ، بخلاف ما إذا كان مضارعاً (إذ زيدٌ يقومُ) فإنه حسن, وأما (إذ زيدٌ قائم) فهذا هو الأصل.

وقال في التصريح: شرطُ الاسمية بعد (إذ) أن لا يكون خبرُ المبتدأ فيها فعلاً ماضياً على ما ذكرناه لكنه ليسَ شرطَ صحة، وإنما هو شرطُ حسنٍ فحسب، يعني شرط إضافة إذ للجملة الاسمية أن لا يكونَ خبرُها فعلاً ماضياً وإذا كان خبرُها فعلاً ماضياً لا يصح؟ لا، يصح، وإنما هو شرطُ استحسان فقط، يعني الأفضل.

شرط الاسمية .. -يعني شرط حسنٍ- بعد (إذ) أن لا يكون خبر المبتدأ فيها فعلاً ماضياً، نصَّ على ذلك سيبويه، يعني نطقَ بهذا, وشرطُ الفعلية أن يكون فعلها ماضياً لفظاً أو معنًى لا لفظاً، أن يكون الفعل ماضياً, وشرطُ الفعلية أن يكون فعلها ماضياً لفظاً نحو: ((وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا)) [الأعراف:٨٦] كنتم: كان فعل ماضي لأنه مُناسبٌ لـ (إذ)، (إذ) للزمن الماضي ويناسبُها الفعل الماضي, أو معنىً لا لفظاً ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَاسماعِيلُ)) [البقرة:١٢٧] يرفعُ رفعَ، هنا يرفع فعل مضارع في اللفظ لكنه في المعنى ماضي.

إذن: مما يصرِفُ الفعل المضارع عن معناه الحال إلى الماضي (إذ) كـ (لم)، لم: حرف نفي وجزم وقلب, ما معنى قلب؟ قلبتَ زمن المضارع من الحال إلى المضي, لم يضرب زيدٌ عمراً هذا بالزمن الماضي, وأما الآن فلا, (إذ) كذلك تقلب زمن المضارع من الحال إلى الماضي، دليله ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ)) [البقرة:١٢٧] إلا إذا أُريد به الحكاية, ثم قال: