للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن متى نعرب (مع) بأنها ظرف؟ إذا أُضيفت، فإذا قُطعت عن الإضافة حينئذٍ وجبَ نصبها، لا يحتمل غير النصب، وبماذا نُعربها؟ نعربها حالاً بمعنى جميعاً، سواء كان صاحب الحال مثنى أو جمعاً، ولا يُتصوّر أن يكون مُفرداً، لا تقل: (جاء زيد معاً)؛ لأن المصاحبة إليه، لا بد أن تدل على المصاحبة، على الجمعية، وهذا لا يُتصور إلا فيما معه فرد آخر أو أفراد، وأما الواحد فلا يُقال: (جاء زيد معاً)، وإنما تقول: (جاء الزيدان معاً)، (جاء الزيدان) فعل وفاعل، (معاً) هذا منصوب على الحالية بمعنى الجميع، وكذلك (جاء الزيدون معاً)، معاً جميعاً هذا منصوب على الحالية.

كلما مرّ بك (معاً) هكذا بالنصب، حينئذٍ تُعربها حالاً سواء كان بمعنى جميعاً .. سواء كان صاحب الحال مثنًى أو جمعاً ولا يصحّ أن يكون مفرداً؛ لأن (مع) للمصاحبة ولا يتصور المصاحبة بشيء واحد.

فحينئذٍ تُفرد، فإذا قيل: تفرد والأصل فيها أنها ثلاثية، تفرد مردودة اللام على قول الأخفش ويونس، وهو أن (مع) ثلاثية، فإذا قُطعت عن الإضافة فالأصلُ أنها ترجع إلى أصلها وهو كونها مُؤلّفة من ثلاثة أحرف، فإذا قيل: (جاء الزيدان معا)، الألف هذه قيل إنها هي الأصل، وهي كألف فتى أصلها معيَ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، ولذلك قيل: تُفرد (مع) مردودة اللام على القول الذي مَضى عليه الأخفش وغيره أي: تُفرَد عن الإضافة مردودة اللامِ لتتقوى بها حال قطعها عن الإضافة، جبراً لما فاتها من الإضافة، فأصلُ (معاً) من قولك: (جاء الزيدان معاً) معي، ففُعِل به ما فعل بـ (فتى)؛ فتيَ تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً.

ففتحةُ العين على هذا فتحة بنية، إذا قيل: معاً، جاء الزيدان معاً، العين هذه حركته حركة بنية لا حركة إعراب، لأن الحركة حينئذٍ تكون مُقدّرة على الألف المحذوفة، كما تقول: جاء فتى، فتى: فاعل مرفوع، ورفعُه ضمةٌ مقدرة على الألف المحذوفة التي للتخلص من التقاء الساكنين.

كذلك هنا (معاً)، نقول: معاً، هذه حال منصوبة، ونصبُها فتحةٌ مقدرةٌ على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، مثل: فتى، هذا على القول بأنها ثلاثية وأن الألف هذه رجعت إلى حالها، ففتحة العين على هذا القول فتحت بنية، والإعراب مُقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، التقى الساكنان الألف والتنوين، كما تقول: فتىً، جاء فتىً، مررتُ بفتىً، في هذه الأحوال الثلاثة يكونُ الإعراب مُقدرا، ثم محل الإعراب الذي هو الحرف محذوف للتخلص من التقاء الساكنين، بخلاف (جاء الفتى)، و (رأيت الفتى)، و (مررت بالفتى)، الإعراب حينئذٍ يكونُ مُقدّراً كالأول إلا أن محلّ الإعراب وهو الحرف يكون ملفوظاً به، جاء الفتى الألف ملفوظ بها، (رأيتُ الفتى)، (مررت بالفتى) الألف ملفوظٌ بها، أما إذا دخلَه التنوين، وذلك فيما إذا جُرّد عن (أل) –نُكّر- وجبَ حينئذٍ تنوينه، إذا كان نكرة وجبَ تنوينه، فتقول: جاء فتىً التقى الساكنان: الألف والتنوين، فحُذفت الألف لعدمِ إمكان تحريكها على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين.