للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَانْصِبْ بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً: أي تابعاً.

وَاخْفِضِ: أي بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً، فحذف من الثاني لدلالة الأول، ولا نقول: إنه من باب التنازع كما قاله الصبان وغيره، بل الصواب أنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه؛ لأن (بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً) كلاهما فضلتان، فإذا كان كذلك حينئذٍ جاز حذفهما.

وَانْصِبْ بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً وَاخْفِضِ

وقد قُرئ بالوجهين: ((إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ)) [الطلاق:٣]، (إِنَّ اللَّهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ)، ((هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ)) [الزمر:٣٨]، (هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتٌ ضُرَّهُ) يعني: جاز في هذا الوصف على جهة الخصوص النصب والخفض، معنى ذلك: أن الشروط السابقة لإعمال اسم الفاعل النصب ليست موجبة، وإنما هي لمن أراد أن ينصب حينئذٍ لا بد من تحقق الشروط، أما إذا وجدت الشروط لا يستلزم النصب، بل هو جائز، أنت مخير بين أمرين: أنا ضاربُ زيدٍ، أنا ضاربٌ زيداً؛ يجوز الوجهان. أنا ضارب زيدٍ وأنا ضارب زيداً، ((هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ)) [الزمر:٣٨]، (هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتٌ ضُرَّهُ)، (إِنَّ اللَّهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ) بالنصب، ((إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ)) [الطلاق:٣] قُرئ بالوجهين، حينئذٍ نقول هنا: وَانْصِبْ بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً وَاخْفِضِ على المذكور.

وَاخْفِضِ** وَهْوَ لِنَصْبِ مَا سِوَاهُ مُقْتَضِى.

وفهم من تقديم النصب أنه أولى؛ لأنه قال: وَانْصِبْ ثم قال: وَاخْفِضِ. فهم من تقديمه النصب أنه أولى، وهو ظاهر كلام سيبويه؛ لأنه الأصل.

وقال الكسائي: هما سواء .. يستويان، خفضت أو نصبت الأمر واحد، ولا نقول بالأولوية. وقيل: الإضافة أولى للخفة، والصواب: أن النصب أولى، أرجح من الخفض، لأنه هو أشبه بالفعل، والأصل في الفعل أنه يعمل ينصب، حينئذٍ يجري على ما هو عليه، فإذا وجد فيه شبه المعنى المقتضي لمشابهته للفعل المضارع حينئذٍ كان النصب مرجحاً على الخفض.

إذاً فيه ثلاثة أقوال: النصب مرجح على الخفض، هما سواء، الإضافة مرجحة على النصب.

وَهْوَ لِنَصْبِ مَا سِوَاهُ مُقْتَضِي: هذا فيما إذا تعدى إلى اثنين، والأول فيما تعدى إلى واحد، إذا تعدى إلى واحد حينئذٍ أنت مخير: أنا ضارب زيدٍ، أنا ضاربٌ زيداً: مخير بين النصب والإضافة، والنصب أولى، لكن إذا تعدى إلى اثنين وأضفت الأول حينئذٍ تعين نصب الثاني، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يضاف إلى الاثنين؛ لأنه إذا تعدى إلى مفعولين حينئذٍ أضفته إلى الأول، والثاني هل له حظ في الإضافة؟ لا؛ لأنه لا يركب بين ثلاثة أسماء، حينئذٍ تعين نصبه، لذلك قال: وَهْوَ لِنَصْبِ مَا سِوَاهُ مُقْتَضِي، مَا سِوَاهُ سوى الذي أضيف إليه؛ لأننا أضفنا المفعول، حينئذٍ أضفناه، بقي المفعول الثاني ما حكمه؟ واجب النصب، فالتخيير بين الإضافة والنصب فيما إذا تعدى إلى مفعول واحد، وحينئذٍ إذا كان متعدياً إلى اثنين فأكثر أضفنا اسم الفاعل إلى الأول وتعين نصب الثاني.

وَهْوَ: مبتدأ.

مُقْتَضِي: اقتضى يقتضي يعني: يطلب.

مُقْتَضِي: هذا خبر.

لِنَصْبِ: متعلق بقوله: مُقْتَضِي.