للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوَاهِبُ الْمِائَةِ الْهِجَانِ وَعْبدِهَا ... عُوذاً تُزجّي بَيْنَها أَطْفَالهَا

الوَاهِبُ الْمِائَةِ، الوَاهِبُ: اسم فاعل محلى بـ (أل).

الْمِائَةِ: من إضافة اسم الفاعل لمفعوله.

الْهِجَانِ: هذا نعت.

وعْبدَهَا-وعْبدِهَا بالوجهين، روي بالوجهين في هذا اللفظ. عْبدِهَا: هذا معطوف على المائة باعتبار اللفظ؛ لأنه مجرور، وعْبدَهَا باعتبار المحل.

إذاً فيه قولان: يضمر له فعل يفسره المذكور أو يكون مراعاة للمحل، فالعامل في المتبوع هو العامل في التابع، يعني إذا قلت: هذا ضاربُ زيدٍ وعمْراً، ما الناصب لعمْراً؟ هو ضارب، لأنه عمل في محل زيد النصب، إذاً: هو عامل في جهتين: في لفظٍ وفي محل، إن عطفت على السابق باعتبار اللفظ فالعامل فيه هو العامل في السابق، وإن عطفت عليه باعتبار المحل فالعامل فيه هو العامل في السابق، ولا نحتاج إلى إضمار فعلٍ.

قال ابن مالك: ولا حاجة إلى تقدير ناصبٍ غير ناصب المعطوف عليه، لا نحتاج، بل ناصب المعطوف عليه وهو زيد ومحلاً يكفي في تعليق الحكم به، ولا حاجة إلى تقدير ناصب غير ناصب المعطوف عليه. وإن كان تقدير قول سيبويه، كأنه يقول يعني لا نبالي، لو كان القول بالتقدير هو قول سيبويه نقول: لا حاجة إليه؛ لأن شرط العطف على المحل عنده وجود الطالب لذلك المحل وهو هنا غير موجود؛ لان اسم الفاعل إنما يعمل النصب حيث كان منوناً أو بـ (أل) أو مضافاً إلى أحد مفعوليه أو مفاعليه، فنحو: ضاربٌ في قولك: ضاربُ زيدٍ وعمْراً ليس طالباً لنصب زيدٍ بل لجره، حينئذٍ نظر فيه من جهة إعماله بالجهتين.

وعلى قول سيبويه أنه منصوب لا بعامل المعطوف عليه، المعطوف عليه ما هو؟ زيد، العامل فيه .. في المحل ضارب، عمْراً ليس منصوباً بضارب الذي عمل في المعطوف عليه، على قوله يقدر فعلٌ؛ لأنه الأصل في العمل، أو وصف منون، إذا أردنا تقديره: هذا ضاربُ زيدٍ وضاربٌ عمْراً أو ويضربُ عمْراً؟ هل نقدره فعلاً لأن الأصل في العمل للأفعال أو نقدره اسم فاعل منوناً لأن المذكور هنا ضاربُ وهو اسم فاعل؟ هل يقدر فعل لأنه الأصل في العمل أو وصف منون لأجل المطابقة؟ قولان، أرجحهما الثاني أن يقدر وصف منون؛ لأن حذف المفرد أقل كلفة من حذف الجملة، فإن كان الوصف غير عاملٍ تعين إضمار فعل للمنصوب، نحو: (وَجَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَنَاً) يعني: ويجعل الليل سكناً، (وَجَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَنَاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا) جَاعِلِ اللَّيْلِ بالإضافة، وَالشَّمْسَ: بالنصب، يعني: ويجعلُ الشَّمْسَ، نقدر له، لماذا؟ لأنه إذا أعمل اسم الفاعل بمعنى المضي حينئذٍ نقول: لا ينصب في الأصل، فإذا وجد بعده منصوب حينئذٍ قدرنا له عاملاً محذوفاً، لا يمكن أن يكون اسم الفاعل هو الذي نصبه؛ لأنه لا ينصب، وإلا ما فائدة الاشتراط إِنْ كَانَ عَنْ مُضِِيَّهِ بِمَعْزِلِ، فإذا وجد اسم فاعل لم يستوفِ الشرط ووجد بعده منصوب حينئذٍ لا يمكن أن يكون منصوباً باسم الفاعل المذكور، بل لا بد أن نقدر له اسم فاعل أو فعل، وتقدير اسم فاعل أولى.