للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ ... كَطَاهِرِ الْقَلْبِ ..................

كَطَاهِرِ الْقَلْبِ زنة فاعل، لما أضيف دل على الثبوت، طَاهِرِ الْقَلْبِ صفة لازمة، وحينئذٍ إذا أضيف إلى مرفوعه نقول: هذا صار صفة مشبهة.

ويمتنع الإضافة فيما إذا تعدى إلى أكثر من اثنين .. باتفاق، وإذا تعدى إلى واحد محل نزاع بين النحاة، يجوز وقيل: لا يجوز.

إذاً نقول: جميع هذه الصفات مذكورة في هذا الباب صفات مشبهة، إلا فاعلاً كضارب وقائم؛ فإنه اسم فاعل، إلا إذا أضيف إلى مرفوعه وذلك فيما دل على الثبوت؛ كَطَاهِرِ الْقَلْبِ وشاحط الدار أي: بعيد، فهو صفة مشبهة أيضاً. وكذلك اسم الفاعل من غير الثلاثي واسم المفعول إذا قصد بهما الثبوت دون الحدوث، أو أضيفا إلى مرفوعهما كوصف الفاعل من الثلاثي المجرد فهما صفتان مشبهتان.

والحاصل: أن هذه الأبنية إن قصد بها الثبوت والدوام وإن لم تضف إلى مرفوعِها فهي صفات مشبهة، إذا قصد بها الدوام والاستمرار؛ لأن هذا معنى الصفة المشبهة، وإن قصد بها الحدوث كانت أسماء فاعلين، وحينئذٍ نقول: الفرق بين فاعل وَفَعْلٌ أَوْلَى وَفَعِيلٌ: أن فاعل يدل على اسم الفاعل بلفظه .. بالصيغة، وأما فعْلٌ إذا قصد به الحدوث فهو اسم فاعل معنى، وأما في اللفظ فلا؛ لأنه ليس عندنا اسم فاعل لما كان على زنة فاعل، وفعْلان وفعَلان وأفعَل وفعَل ليست على زنة فاعل، فإذا استعملت في الدلالة على الحدوث نقول: هي من جهة المعنى اسم فاعل.

إذاً: قد يكون اسم الفاعل لفظاً ومعنىً، وقد يكون معنىً لا لفظاً. متى يكون لفظاً ومعنىً؟ إذا كان على زنة فاعل فقصد به الحدوث. ومتى يكون معنىً لا لفظاً؟ إذا كان على زنة فاعل وقصد به الاستمرار، أو كان على غير زنة فاعل كفعْل وما ذكره الناظم من الأوزان، فهو اسم فاعل معنىً لا لفظاً.

وذهب بعضهم إلى أنه إذا قصد بها النص على الحدوث حولت إلى فاعل .. كلها، ولذلك قيل: حسُن فهو حاسن، وظرُف فهو ظارف، كل ما قصد به الحدوث حول إلى وزن فاعل، ولذلك عند بعضهم: أن وزن فاعل لا يختص بفعَل المتعدي وفعِل المتعدي، لا يختص بوزن فعَل المتعدي واللازم ولا فعِل المتعدي، بل كل ما أردت منه الحدوث حينئذٍ سواء كان فعَل مطلقاً أو فعِل مطلقاً أو فعُل تأتي به على زنة فاعل. حسُن فهو حاسن، ظرُف فهو ظارف، قبُح فهو قابح، فتح فهو فاتح .. إلى آخره. كل لفظ أردت الدلالة على الحدوث فأت به على زنة فاعل، وثَمَّ من يقوي هذا القول قديماً وحديثاً.

وذهب بعضهم إلى أنه إذا قصد بها النص على الحدوث حولت إلى فاعل مطلقاً بقطع النظر عن كونه فعَل أو فعِل أو فعُل، فإذا أُريد حدوث الحسن مثلاً قيل: حاسن لا حسن، وإذا أردت به الثبوت قلت: حسن لا حاسن، نفس اللفظ حسُنَ، إذا أردت الدلالة على الحدوث قلت: حاسن، وإذا أردت به الثبوت والاستمرار قلت: حسن، فرق بينهما، وسيأتي مزيد بيان في الصفة المشبهة.

والفرق بين فاعل وغيره في تلك الصفات: أن الأصل في فاعل قصد الحدوث، هذا الأصل فيه. وقصد الثبوت طارئٌ، عارضٌ، فلا يعتبر إلا مع ما يدل على خروجه عن الأصل، يعني: لا بد من قرينة واضحة بينة.