وقوله:(وخرج بها المتعجب منه عن أمثاله أو قل نظيره فيها) هذا فصل ثالث يخرج به ما يكثر وجود أمثاله؛ فإنه لا يتعجب منه، و (أو) حينئذٍ في التعريف للتقسيم، يعني: أن المتعجب منه إما أن يخرج عن نظائره بتلك الزيادة أو يقل نظيره. إما أنه يخرج عن نظائره بتلك الزيادة وحينئذٍ لا يلزم أن يكون خفي سببه، هذا أمره واضح، وهذا الوصف يوصف به الرب جل وعلا.
إذن نقول: سبب التعجب قد يكون لخروج المتعجب منه عن نظائره ويعلم سببه، حينئذٍ نقول: هو تعجب، وهذا الذي يوصف به الرب جل وعلا:((بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ)) [الصافات:١٢]، {عجب ربنا لرجل .. } إلى آخره. نقول: هذا قل وخرج عن نظائره، لا لكونه خفي سببه والله تعالى لا تخفى عليه خافية.
إذن: التعجب قد يكون من هذا، وقصره على عما خفي سببه هذا فيه قصور، وليس بصواب.
إذن:(وخرج بها المتعجب منه عن أمثاله أو قل نظيره فيها)، نقول:(أو) هنا للتقسيم، يعني: أن المتعجب منه إما أن يخرج عن نظائره بتلك الزيادة أو يقل نظيره، فالحامل على التعجب أحد أمرين:
الأول: انفراد المتعجب منه بالوصف.
الثاني: أن يكون له أمثال قلائل لا يكادون يعرفون.
والتعجب نوعان: حقيقي وادعائي.
فالأول -وهو الحقيقي-: بأن يكون المتعجِّب في حقيقة الأمر عالماً بأن المتعجَّب منه منفرد بالوصف. أن يكون المتعجِّب الذي يتعجب يكون في نفس الأمر عالماً بكون المتعجَّب منه خارجاً عن نظائره في الوصف، وقد لا يكون كذلك، وإنما نزَّله مُنزَّلة الخارج عن نظائره، فحينئذٍ الأول يكون حقيقي والثاني يكون ادعائي.
فالأول بأن يكون المتعجِّب في حقيقة الأمر عالماً بأن المتعجَّب منه منفرد بالوصف أو قليل النظائر، يعني: على حقيقته.
والثاني: بأن يكون قد نزَّل المتعجَّب منه هذه المنزلة. هو يعلم أنه ليس الأمر كذلك، ولكنه نزله منزلة ما انفرد عن نظائره فتعجب منه، الثاني نقول له: ادعائي. لأن ما ثبت له من الوصف بالغ النهاية بحيث لا يدركه أحد في اعتقاده، هذا حقيقة التعجب.